للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ظاهر. انتهى كلام بناني. وهو نفيس جدا. والله سبحانه أعلم. وقال الشيخ الأمير: والندب لا ينافي القضاء، ومعنى الحديث: لا يؤمَّ الرجل … الخ، على ما قال النووي: أن صاحب البيت والمجلس وإمام المسجد أحق من غيره، وإن كان ذلك الغير أفقه وأقرأ وأورع وأفضل، وصاحب المكان أحق وإن شاء تقدم من يريده، وإن كان الذي قدمه مفضولا بالنسبة إلى باقي الحاضرين لأنه سلطانه، فيتصرف فيه كيف شاء، فإن حضر السلطان أو نائبه قدم على صاحب البيت وإمام المسجد وغيرهما. والتكرمة بفتح التاء وكسر الراء: الفراش ونحوه مما يبسط لصاحب المنزل ويختص به. انتهى. فالسلطان في الحديث على هذا بالمعنى العام الشامل لرب المنزل والمجلس، وإمام المسجد خلاف ما عند المص وغيره، كابن الحاجب، وابن شاس، وغير واحد. ولا يؤم بالبناء للمجهول، وسلطانه بمعنى سلطنته. ومر أن نائب السلطان كهو إن لم يكن سلطان، قال ابن سهل: قال بعض الناس: خطة القضاء من أعظم الخطط قدرا، وأجلها نظرا لاسيما إذا اجتمعت إليها الصلاة. نقله ابن عرفة. وقال: قلت: يريد إمامة الصلاة، ومقتضاه حسن اجتماعهما: والمعروف ببلدنا قديما وحديثا منع إمامة قاضي الجماعة بها أو الأنكحة إمام الجامع الأعظم بها. وسمعت بعض أشياخنا أنهم يعللون ذلك بأن القاضي مظنة لعدم طيب نفس المحكوم عليه مع تكرر ذلك في الأحاديث، فيؤدي إلى إمامة الإمام من هو له كاره. وقد خرج الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون (١)). انتهى. ولم يعرج الزقاق على بحث ابن عرفة هذا، حيث قال:

وأعظمها قدرا وأكمل منظرا … قضاء نعم إن أم قاض على علا

ومر ما يعلم منه الجواب عن الحديث عند قوله: "وإمامة من يكره"، فراجعه إن شئت.


(١) الترمذي، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ٣٦٠.