للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كجماعة لا حرج عليهم؛ يعني أن الجماعة الذين لا حرج عليهم في عدم الجمع؛ أي لا مشقة عليهم لعدم احتياجهم إلى الانصراف عن مكانهم إلى غيره، لا يجمعون؛ لأن الجمع إنما هو لذلك، ثم إنهم يجمعون تبعا، كما يفيده كلام ابن عمر وغيره، ومن ذلك أن يكون الإمام خارجا عنهم فإنهم يجمعون تبعا له. ومثلوا للجماعة الذين لا حرج عليهم بأهل المدرسة المنقطعين بها ونحوهم، وأفتى المسناوي بأن أهل المدرسة يجمعون استقلالا، وأن الساكن بها له أن يجمع إماما، قال: لأنهم ليسوا كالمعتكف بالمسجد، بل هم جوار المسجد. وقال ابن عرفة: يجمع جار المسجد ولم يقيده بتبعية. قال: ولا يعارضه قول المصنف: "كجماعة لا حرج عليهم"؛ لأن موضعه في الجماعة المقيمين في المسجد، واستدل على ما قال بما ثبت في الصحيح (أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع إماما وحجرته ملتصقة بالمسجد ولها خوخة إليه)، وعليه فقول الزرقاني: منقطعين بمدرسة، يحمل على مدرسة اتحد محل السكنى بها ومحل الصلاة كما في الجامع الأزهر بمصر. قال الشيخ محمد بن الحسن: وفيما قاله نظر؛ إذ قد نص ابن يونس على أن قريب الدار من المسجد إنما يجمع تبعا للبعيد، ونصه إنما يباح الجمع لقريب الدار والمعتكف لإدراك فضلية الجماعة. انتهى. نقله أبو الحسن. واقتضى كلام المصنف أنه لا يجوز جمع المشتركتين لغير ما مر، وقد روى مالك عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا في غير خوف ولا سفر (١)). قال مالك: أرى بضم الهمزة: أي أظن ذلك كان في مطر، ووافقه على ما ظنه جماعة من أهل المدينة وغيرها، منهم الشافعي. قاله ابن عبد البر.

لكن روى الحديث مسلم وأصحاب السنن من طريق حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بلفظ: (من غير خوف ولا مطر (٢)). وأجاب البيهقي بأن الأولى رواية الجمهور؛ فهي


(١) مسلم، كتاب صلاة المسافرين، رقم الحديث: ٧٠٥ الموطأ، كتاب قصر الصلاة، رقم الحديث: ٤.
(٢) أبو داود، كتاب صلاة السفر، رقم الحديث: ١٢١١. الترمذي، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ١٨٧.