جمعة جمعت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بجؤاثا قرية بالبحرين، وأول ما تعددت الجمعة في بلد في أيام المعتضد سنة ثمانين ومائتين، ولم يقع قبل ذلك في الإسلام صلاة جمعتين في بلد واحد. ومن جحد وجوبها كفر، ومن امتنع من صلاتها كسلا لا يقتل، وليست كالظهر، يؤخر بقدر ركعة. سحنون: ولا يجرح إلا من تركها ثلاث مرات متوالية بلا عذر، خلافا لأصبغ القائل: بأن ترك الفريضة مرةً وثلاثا سواء في العصيان، وتعدي الحدود كمن ترك الصلاة لوقتها مرة. ابن رشد: وقول سحنون باشتراط الثلاث أظهر؛ إذ لا يسلم المسلم من مواقعة الذنوب، فوجب أن لا يجرح العدل بما دون الكبائر إلا أن يكثر منه فيعلم تهاونه بها، قاله الخرشي وفي الخبر:(من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير عذر ولا علة طبع الله على قلبه (١)) بطابع النفاق.
وجعلت الجمعة ركعتين؛ لأن الناس يسعون إليها من بعيد فخفف عنهم؛ ولأنها عيد، شرط الجمعة وقوع كلها بالخطبة وقت الظهر للغروب؛ يعني أنه يشترط في صحة صلاة الجمعة أن توقع الصلاة كلها مع خطبتها فيما بين الزوال والغروب؛ فلو خطب قبل ذلك وأوقع الصلاة فيه، أوأوقع الخطبة فيه والصلاة كلها أو بعضها بعد الغروب، لم تصح، وأولى لو أوقع الصلاة أو بعضها قبل الزوال وشَدَّ بعض الأئمة، فجوز صلاة الجمعة قبل الزوال. قاله الشيخ محمد الزرقاني.
وبما قررت علم أن الباء في قوله:"بالخطبة"، بمعنى "مع"، وأن "ال" للجنس؛ أي إيقاع جميع الصلاة مع جميع الخطبتين، وقوله:"وقت"، متعلق بوقوع، واللام في قوله:"للغروب"، بمعنى:"إلى"؛ أي مبدأ وقت الجمعة، مبدأ وقت الظهر، ويمتد وقتها للغروب. وقوله:"كلها"، قال الشيخ عبد الباقي: استعمال كل المضافة للضمير في غير الابتداء والتأكيد رأي بعض، وعلى الآخر فالمؤكد محذوف على قلة أقي وقوعها كلها. انتهى. قوله: فالمؤكد محذوف على قلة الخ. جواز حذف المؤكد بالفتح هو مذهب الخليل وسيبويه، ووافقهم الصفار، خلافا للأخفش والفارسي وابن