للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واعلم أن جمهور المفسرين على أن المراد بقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) صلاة العيد ونحر الأضحية: وقال البيضاوي: ليس المراد بصل صلاة العيد، ولا بالنحر نحر الأضحية، بل دُمْ على الصلاة خالصا لوجه الله تعالى شكرا لإنعامه؛ فإن الصلاة جامعة لأنواع الشكر، خلاف الساهي عنها المراءي فيها. وانحر البدن التي هي خيار أموال العرب: وتصدق على المحاويج، خلافا لمن يَدُعُّهُم. من حل النافلة للزوال؛ يعني أن أول وقت صلاة العيد فطرا أو أضحى، من ارتفاع الشمس قيد رمح: وهو الوقت الذي تحل فيه صلاة النفل: ويمتد وقتها إلى أن تزول الشمس عن كبد السماء، فإذا زالت خرج وقتها فلا تقضى بعد الزوال؛ أي بمجرد الزوال ينقضي وقتها ولو أدرك منها ركعة قبله؛ وهذا مذهب أحمد والجمهور. وقال الشافعي: أول وقتها بعد طلوع الشمس، وإن لم ترتفع قيد رمح، ويسن تأخيرها عنده إلى أن ترتفع قيد رمح، ولم يقل إن وقتها طلوع الشمس، كما ظن ذلك.

ويجوز الاقتداء بشافعي صلاها عقب الطلوع بمنزلة الاقتداء بالمخالف في الفروع، ولا أذان لها، ولا إقامة لا في مسلم وأبي داوود والترمذي: (عن جابر بن سمرة رضي الله عنه أنه قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيدين غير مرة بغير أذان ولا إقامة (١) وقوله: "من حل النافلة"، مقتضى كلام غير واحد أنه خبر مبتدأ محذوف؛ أي وأول وقتها من حل النافلة، ولا ينادى الصلاة جامعة: يعني أنه يكره أن ينادى لأجل إقامة صلاة العيد بهذا اللفظ، أعني: الصلاة جامعة، وصرح بالكراهة في التوضيح والشامل والجزولي، وصرح ابن ناجي وابن عمر وغيرهما بأنه بدعة، فما في الخرشي وغيره من أن قول ابن ناجي: إنها بدعة، يرده الحديث؛ لأنه صح أنه عليه الصلاة والسلام نادى فيها: (الصلاة جامعة) (٢) -انتهى- غير صواب؛ وهو


(١) مسلم، كتاب العيدين، رفم الحديث: ٨٩٧. ولفظه: غير مرة ولا مرتين. - أبو داود، كتاب الصلاة، باب صلاة العيدين، رقم الحديث: ١١٤٨. - الترمذي، أبواب العيدين، رقم الحديث: ٥٣٢. ولفظه: كل: غير مرة ولا مرتين …
(٢) فتح الباري، ج ٢ ص ٤٥٢.