للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رشد السماع المذكور على ظاهره من الوجوب، وتأوله الحطاب على أن المراد: يطلب لها الإنصات كما يطلب لخطبة الجمعة، وإن اختلف الطلب فيهما، قال الرماصي: وهذا تأويل بعيد. انتهى. وقال الشبراخيتي: ثم إن من جاء والإمام يخطب يجلس ندبا ولا يصلي كان في المسجد أو المصلى؛ لأن سماع الخطبة مندوب. انتهى. وروي عن عبد الله بن السائب، قال: (شهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما صلى قال: إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يرجع فليرجع (١)). نقله الإمام الحطاب. واستدل به الطحاوي على أن خطبة العيدين للتعليم كخطب الحج، فلا ينصت لها، وقال الشيخ الأمير عاطفا على المندوب. والحضور والإصغاء بأن لا يشغل فكره، وأما الكلام وقتهما، فهل هو مكروه أو حرام بعد الحضور المندوب ابتداء؛ وهو ظاهر النقل على ما أفاده الرماصي. انتهى.

واستقباله؛ يعني أنه يندب استقبال وجه الإمام في حال الخطبة، لا جهته كما في الجمعة، وفيه بحث؛ إذ حديث الجمعة يقتضي استقبال ذاته، قاله الشيخ الخرشي، وقوله: "واستقباله"؛ يعني؛ ولو الصف الأول. وبعديتهما؛ يعني أنه يستحب كون الخطبتين في العيد بعد صلاة العيدين، قال الشيخ عبد الباقي: وما ذكره المصنف من ندب البعدية خلاف ما ذكره ابن عرفة، واقتصر عليه أن البعدية سنة. انتهى. قال الشيخ محمد بن الحسن: فيه نظر، فإن ابن عرفة إنما قال ما نصه: خطبة العيد إثر الصلاة سنة، فهو إنما أخبر بالسنة عن الخطبة في نفسها، لا عن كونها إثر الصلاة. انتهى. وأعيدتا إن قدمتا؛ يعني أن خطبتي العيد إذا قدمتا على الصلاة، فإنه يستحب أن تعادا بعدها لتقعا موقعهما، وهذا إن قرب ذلك، والظاهر أن القرب هنا كالقرب الذي يبني معه في الصلاة، وقوله: "وأعيدتا إن قدمتا"، فإن لم يعد أساء وأجزأته صلاته كمن تركهما جملة، قاله غير واحد. واستفتاح بتكبير؛ يعني أنه يستحب للخطيب في العيدين أن يستفتح الخطبتين بالتكبير؛ بأن يكبر أول الأولى وأول الثانية، وهذا مما تخالف فيه خطبة العيد خطبة الجمعة؛ لأن استفتاحها


(١) أبو داود، كتاب الصلاة، باب صلاة العيدين، رقم الحديث: ١١٥٥. ولفظه: … من أحب ان يذهب فليذهب.