للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبأنه لما كان آية من آيات الله يخوف الله بها عباده -كما في الخبر (١) - تأكد طلبها منه حيث عقل الصلاة رجاء قبول فعله، ولم يخاطب بخسوف القمر مع أنه آية أيضا -كما في الخبر- لغلبة نومه من الغروب. قاله الشيخ عبد الباقي. وقال الشيخ محمد بن الحسن: لم أر من ذكر السنية في حق الصبي إلا ما نقله الحطاب عن ابن حبيب، وهو يحتمل أن يكون إنما عبر بالسنية تغليبا لغير الصبي عليه، وإنما عبر ابن بشير وابن شاس وابن عرفة بلفظ: يؤمر، وإذا صح هذا سقط الاغتراب (٢) المذكور. انتهى كلام الشيخ محمد بن الحسن. وقال الشيخ الأمير: سن لمأمور الصلاة ولو صبيا، ولا يستبعد كونه له أعلى من الخمس لأنها محل خوف وهو مقبول، ولا يرد الخسوف فإنه مندوب مع أنه يأتي وهو نائم، ولا يلحق مصيبة الشمس، وكذا الاستسقاء فإنه دونها في التأكد مع أنه لا يعم العالم ويغني عنه نحو العيون. انتهى. وفي الطراز، وسئل ابن القاسم، هل كان مالك يرى أن صلاة الكسوف سنة لا تترك مثل صلاة العيد سنة لا تترك؟ قال: نعم قال سند: وهذا مما لا يختلف فيه، وأبو حنيفة وصفها بالوجوب ونحن لا نتحاشى أن نقول تجب وجوب السنن المؤكدة على معنى أنه لا ينبغي تركها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها بالجماعة وأمر بها، وهي من شعار الدين وشعار الإسلام يجب إظهارها؛ إلا أنها غير مفروضة لما بينا في مسألة (٣) الوتر أنه لا مفروض إلا الخمس الصلوات.

وإن لعمودي؛ يعني أن صلاة الكسوف سنة في حق الحضري والعمودي؛ أي البدوي، ولا فرق بينهما في ذلك، وقال ابن عرفة وسمع ابن القاسم إن تطوع من يصلي بأهل البادية بصلاة الكسوف: فلا بأس به. ابن رشد: يريد الذين لا تجب عليهم الجمعة، وأما من تجب عليهم فلا رخصة في تركهم الجمع للكسوف. انتهى. قاله الإمام الحطاب. أي: وأما من لا تجب عليهم الجمعة فإن شاءوا جمعوا وإن شاءوا صلوها منفردين، أما أن يتركوها، فلا كما قاله سند. وأشار


(١) البخاري، كتاب الكسوف، رقم الحديث: ١٠٤٨. ولفظه: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولكن يخوف الله بهما عباده.- مسلم، كتاب الكسوف، رقم الحديث: ٩٠١.
(٢) في البنانى ج ٢ ص ٧٧ الاستغراب.
(٣) في الحطاب ج ٢ ص ٤٨٧ ط دار الرضوان: في صلاة الوتر.