للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كون ذلك المعنى ثابتا قي محل النطق، والمراد بمحل النطق المحكوم عليه المنطوق باسمه فالتأفيف في الآية هو محل الحكم لأن الحكم الذي هو التحريم معنى ثابت في التأفيف الذي نطق باسمه وهو: "أف". ويقال له محل النطق لأنه محل نطق باسمه فالإضافة لأجل هذه الملابسة، ومعنى ثبوته فيه أنه حكم له والظرفية مجازية وهذا إنما يجري على طريقة ابن الحاجب الذي يجعل المدلول المطابقي والتضمني منطوقا صريحا، ويفصل في المدلول الالتزامي فإن كان في محل النطق بأن كان حكما للمذكور فهو منطوق غير صريح، وإن كان في غير محل النطق بأن كان حكما لغير مذكور فهو مفهوم، وطريق البيضاوي ومن وافقه أن الأولين هما المنطوق، والثالث الذي هو المدلول الالتزامي مفهوم مطلقا وهي أسهل وأنسب وعليها فقوله في محل متعلق يدَلَّ، والمراد بمحل النطق حالة النطق بهذا اللفظ؛ أي أن السامع يفهم أولا في حالة النطق بهذا اللفظ معناه الوضعي ثم بعد ذلك يفهم معنى آخر لازما للمعنى الأول والله تعالى أعلم والآمدي يوافقهما إلا أنه يجعل المنطوق غير الصريح عند ابن الحاجب واسطة فقوله تعالى {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ} الآية دل بالمطابقة على حلية الوطء للنساء في جميع ليلة الصيام فيصدق بالوطء في آخر جزء منها، ودل بالتضمن على حلة فيها لفرد من الرجال كزيد فهما من المنطوق الصريح عند ابن الحاجب، ودل بالالتزام على صحة صيام الجنب، والصحة حكم لمذكور وهو الصيام فهو منطوق غير صريح عند ابن الحاجب وعند البيضاوي من المفهوم وعند الآمدي واسطة، والمراد بغير محل النطق المحكوم عليه الذي لم يذكر كالضرب المفهوم حكمه في الآية لأن الحكم وهو التحريم ثابت في الضرب؛ أي هو حكم له والضرب مسكوت عنه غير منطوق به فالتحريم الأول منطوق والثاني مفهوم قال جميعه الشيخ الهلالي، وقد علمت أن هذا الكلام الأخير إنما هو على الطريق الحاجبية.

واعلم أنهم كثيرا ما يطلقون المنطوق على اللفظ بنفسه وتقدم أن ذلك أصله ويطلقون المفهوم على معنى اللفظ المفهوم منه بلا واسطة وذلك قولهم اللفظ يدل بمنطوقه أي بنفسه وحروفه المنطوق بها ويدل بمفهومه أي بواسطة معناه المفهوم منه أولا والله تعالى أعلم.

والمفهوم قسمان مفهوم موافقة ومفهوم مخالفة، فمفهوم الموافقة ما يكون المسكوت عنه موافقا للحكم المذكور وهو قسمان فحوى الخطاب وهو أولى بالحكم من المذكور، ولحن الخطاب وهو أن