للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لأن اللقب إنما يؤتى به لتأدية أصل المعنى وليس زائدا على القدر المحتاج إليه في التأدية، وغيره من المفهومات قيود زائدة على أصل معنى الكلام فلو لم تعتبر لم يكن للقيود فائدة والله تعالى أعلم. وقوله ثنيا بوزن دنيا اسم مصدر بمعنى استثناء أشار به إلى مفهوم الاستثناء والمراد به هنا الواقع في الإيجاب، وقوله وعد أشار به إلى مفهوم العدد وله ثلاث صور: الأولى أن يكون مفهومه مفهوم مخالفة باعتبار الزيادة والنقص نحو {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} مفهومه لا تجوز الزيادة عليها ولا النقص عنها، الثانية أن يكون مخالفا باعتبار الزيادة وموافقا باعتبار النقص نحو قوله صلى الله عليه وسلم (من أسلم على أكثر من أربع أمسك أربعا (١)) مفهومه أنه لا يمسك أكثر من أربع وله أن يمسك أقل: الثالثة عكس هذه مثالها من سرق ثلاثة دراهم قطع مفهومه أن من سرق أقل منها لا يقطع ومن سرق أكثر قطع بالأحرى، وكثيرا ما يلغى مفهوم العدد فلذا أنكره كثير حتى قيل إنه من مفهوم اللقب، وقوله ظرفين إشارة إلى مفهومين ظرف الزمان نحو {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} مفهومه لا أمان لهم بعد ذلك ونحو {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} مفهومه لا يمنعون من الحج في ذلك العام، وظرف المكان نحو {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} الآية مفهومه أنه لا ينهى عن قتالهم في سائر الأمكنة، وقوله وحصر إشارة إلى مفهوم الحصر وهو المسمى في علم المعاني بالقصر وهو تخصيص أمر بأمر فشمل قصر الصفة على الموصوف وقصره عليها فمن مفهوم الحصر، أنما نحو {إِنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} مفهومه أن غيره ليس بإله، ومنه تقديم ما أصله التأخير نحو {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} مفهومه لا نعبد غيرك ونحو {لِلَّهِ الْحَمْدُ} مفهومه أنه لا حمد لغير الله {لَا فِيهَا غَوْلٌ} مفهومه أن خمر الدنيا فيها الغول، ومنه توسط ضمير الفصل {فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ} {وَاللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} مفهوم ذلك أنه لا ولي غيره وأن غير الله ليس الغني، ومنه تعريف أحد الجزءين بلام الجنس (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده (٢)) مفهومه من ليس كذلك ليس بمسلم أي كامل {اللَّهُ الصَّمَدُ} مفهومه لا صمد غيره والصمد الذي يصمد إليه في الحوائج أي يقصد، ومنه النفي والاستثناء فالنفي فيه منطوق اتفاقا والإثبات مفهوم عند الجمهور


(١) أمسك منهن أربعا وفارق سائرهن، الموطأ، كتاب الطلاق، الحديث: ٧٦.
(٢) المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده. صحيح البخاري، كتاب الإيمان، رقم الحديث: ١٠.