وروي عن الضحاك بن مزاحم أنه قال: إن الله تعالى يأمر السماوات أن تنشق بما فيها من الملائكة، فيحيطون بالأرض ومن فيها إلى سبع أرضين حتى يكونوا سبع صفوف، وبعضها في جوف بعض: وأهل الأرض لا يأتون قطرا من أقطارها إلا وجدوا عندها سبع صفوف من الملائكة، فذلك قوله:{يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا}، الآية. وروى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال:(إن الله تعالى يقول يا معشر الجن والإنس إني قد أنصتُّ لكم منذ خلقتكم إلى يومكم هذا أسمع قولكم وأبصر أعمالكم، فأنصتوا لي، فإنما هي أعمالكم تعرض عليكم في صحفكم، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، ثم يأمر الله تعالى جهنم فيخرج منها عنق ساطع مظلم، فيقول:{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}، إلى قوله:{تُوعَدُونَ}. فتجثوا الأمم؛ وهو قوله تعالى:{وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً}، الآية. فيقضي الله تعالى بين خلقه، فيقضي بين الوحوش والبهائم حتى إنه ليقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء، ثم يقول: كوني ترابا فعند ذلك يقول الكافر: {يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا}، ثم يقضي (١)).
وروى نافع عن ابن عمر أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يحشر الناس يوم القيامة كما ولدتهم أمهاتهم عراة حفاة، فقالت عائشة رضي الله عنها: الرجال والنساء؟ قال: نعم، فقالت عائشة: واسوآه، ينظر بعضهم إلى بعض؟ فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على منكبها، وقال: يابنة ابن أبي قحافة شغل الناس يومئذ عن النظر، وسَمَوْا بأبصارهم إلى السماء؛ يعني يرفعون أبصارهم، يقفون أربعين سنة لا يأكلون ولا يشربون، فمنهم من يبلغ العرق قدميه، ومنهم من يبلغ ساقيه، ومنهم من يبلغ بطنه، ومنهم من يلجمه العرق من طول الوقوف، ثم يقوم الملائكة حافين من حول العرش، فينادي مناد: أين فلان بن فلان؟ فيشرف الناس لذلك؛ يعني يرفعون رؤوسهم وأعناقهم لذلك الصوت، ويخرج ذلك المنادَى من الموقف، فإذا وقف بين يدي الله تعالى: قيل: أين أصحاب المظالم؟ فينادَوْن رجلا رجلا، فيؤخذ من حسناته ويدفع إلى من ظلم يوم لا دينار ولا درهم الأخذ من الحسنات والرد من السيئات، فلا يزال يستوفي حسناته