للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إني لبعُقُر حوضي أزُودُ النَّاسَ لأهل اليمين حتى ترفض عليهم، فسئل عن عَرْضِهِ فقال: من مقامي إلى عمان، وسئل عن شرابه، فقال: أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل، يصب فيه ميزابان يمدانه من الجنة أحدهما من ذهب والآخر من ورق (١)). وقوله: بعقر أي مؤخر، وروى مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: (قلنا يا رسول الله ما آنية الحوض؟ قال: والذي نفس محمد بيده لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها في الليلة المظلمة المصحية (٢)). وفي هذا الحديث: (من شرب منه لم يظمأ، عرضه مثل طوله ما بين عمان إلى أيلة، ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل (٣))، وروى الترمذي وابن ماجة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (حوضي من عدن إلى عمان البلقاء، ماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، وأكاويبه عدد نجوم السماء، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا، أول الناس ورودا عليه فقراء المهاجرين الشعث رؤوسا الدنس ثيابا، الذين لا ينكحون المتنعمات ولا تفتح لهم أبواب السدة (٤)). وروى البزار عن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حوضي من كذا إلى كذا، فيه من الآنية عدد النجوم، أطيب ريحا من المسك وأحلى من العسل وأبرد من الثلج وأبيض من اللبن، من شرب منه لم يظمأ أبدا ومن لم يشرب منه لم يرو أبدا (٥)).

قال الإمام الثعالبي رحمه الله تعالى: تأمل قوله صلى الله عليه وسلم: ومن لم يشرب منه لم يرو أبدا، ظاهره أن من لم يشرب منه يخلد في النار؛ لأن من يدخل الجنة بعد نفوذ الوعيد يروى وينعم، ومن هنا تعلم أن الذي يذاد عنه ويطرد إنما هو من وقع منه التبديل في دينه وحكم بكفره لفساد عقده عافانا الله من ذلك بكرمه، وهذا هو ظاهر الأحاديث، ونص صريح في البخاري وغيره. وروى الترمذي الحكيم، عن عثمان بن مظعون، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (يا عثمان لا ترغب عن سنتي فمن رغب عن سنتي ثم مات قبل أن يتوب ضربت الملائكة وجهه


(١) مسلم، كتاب الفضائل، الحديث: ٢٣٥١. ولفظه: أذود الناس لأهل اليمن .. الخ.
(٢) مسلم، كتاب الفضائل، الحديث. ٢٣٠٠.
(٣) مسلم، كتاب الفضائل، الحديث: ٢٣٠٠.
(٤) الترمذي، أبواب صفة القيامة، الحديث: ٢٤٤٤. ابن ماجه، كتاب الزهد، الحديث: ٤٣٠٣.
(٥) جمع الزوائد، ج ١٠ ص ٣٦٤.