للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فما يفعل بنا ربنا إذا لقيناه؟ قال: تعرضون عليه بادية له صفحاتكم لا تخفى عليه منكم خافية، فيأخذ ربك بيده غرفة من الماء فينضح بها قبلكم، فلعمر إلهك ما تخطئ وجه واحد منكم منها قطرة، فأما المسلم فتدع وجهه مثل الريطة البيضاء، وأما الكافر فتصخمه مثل الحمم الأسود، ألا ثم ينصرف نبيكم ويفرق على أثره الصالحون، فتسلكون جسرا من النار يطأ أحدكم الجمرة، فيقول: حَسِّ (١) يقول ربك أوانه: ألا فتطلعون على حوض الرسول لا يظمأ -والله- ناهله، ثم قال لقيط عن النبي صلى الله عليه وسلم: وتخنس الشمس والقمر فلا ترون منهما واحدا، قال: قلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: فبم نبصر؟ قال: بمثل ساعتك هذه وذلك مع طلوع الشمس في يوم أسفرته الأرض وواجهته الجبال، قال: قلت يا رسول الله فبم نجزى من سيئاتنا وحسناتنا؟ قال: الحسنة بعشر أمثالها والسيئة بمثلها إلا أن يغفر، قلت يا رسول الله: ما الجنة النار. قال: لعمر إلهك إن لها لسبعة ما منها بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاما، وإن للجنة لثمانية أبواب ما منها بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاما، قال: قلت يا رسول الله فعلى ما نطلع من الجنة؟ قال: أنهار من عسل مصفى، وأنهار من كأس ما بها صداع ولا نزافة، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وماء غير آسن، وتفاكيه لعمر إلهك ما تعلمون وخير من مثله معه، وأزواج مطهرة، قلت يا رسول الله: إن لنا أزواجا، ثم قال لقيط: قال -يعني النبي صلى الله عليه وسلم- الصالحات للصالحين تلذونهن ويلذذنكم مثل لذتكم في الدنيا غير أن لا توالد (٢)). قال الثعالبي: وفي هذا الحديث أن الحوض بعد الصراط، وهو يشهد لما ذكره القرطبي من أن للنبي صلى الله عليه وسلم حوضين، أحدهما في الموقف؛ وهو الذي يذاد عنه من بدل أو غير، والثاني بعد جواز الصراط وهذا لا يذاد عنه أحد بفضل الله تعالى، قال القرطبي: لأن الصراط إنما هو جسر على جهنم ممدود يجاز عنه، فمن جازه سلم من النار على ما يأتي. قال: وكذلك أحواض الأنبياء عليهم السلام تكون في الموقف (٣))، وروى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: (بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة، ثم رفع رأسه متبسما، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله، قال: نزلت


(١) توجع كذا بخط المؤلف.
(٢) مجمع الزوائد، ج ١٠ ص ٣٤١. رياض الصالحين للثعالبي (مخطوط) فصل في ذكر لقيط بن عامر.
(٣) تذكرة القرطبي، ص ٢٧١.