واعلم أنه لا خلاف أن الماء ما دام في العضو غير مستعمل بالنسبة لذلك العضو المتصل. وقوله: وكره ماء مستعمل الخ محل الكراهة حيث وجد غيره كما مر ومحلها أيضا ما لم يصب عليه مطلق غير مستعمل في حدث ونحوه قدره أوأقل أو أكثر حتى يصير المجموع أزيد من آنية غسل، وإلا فلا يكره فإن صب عليه مستعمل في حدث مثله فاستظهر ابن عبد السلام انتفاء الكراهة، وابن الإمام والحطاب بقاءها؛ لأن ما ثبت لكل جزء بانفراده يثبت للكل، فإن فرق هذا الكثير حتى صار كل جزء يسيرا فلا تعود الكراهة على ما لابن عبد السلام فإن صب علي المستعمل في حدث مستعمل في غيره لم يكره بالأولى عند ابن عبد السلام، وأما على ما لابن الإمام والحطاب فالظاهر خفته بالنسبة لما خلط بمستعمل في حدث. وقوله: وكره ماء مستعمل في حدث فإن استعمله مع وجود غيره وصلى فالظاهر أنه لا يعيد في الوقت.
واعلم أن الإعادة في الوقت تقتضي الكراهة كما في الحطاب والكراهة لا تقتضي الإعادة في الوقت. وقوله: وكره ماء مستعمل الخ ولو من صبي، وقد مر عن الشيخ عبد الباقي أن الماء المستعمل في حدث يكره مع وجود الغير في طهارة لا تفعل إلا بطهور كان يصلَّي بها أم لا. قال الشيخ محمد بن الحسن: الظاهر إذا لم يجد غيره وأراد الوضوء المستحب أن يكره استعماله فيه بل يؤمر بتركه. وقوله: وكره ماء مستعمل الخ اختلف في علة الكراهة أو المنع منه على أقوال فقيل: لأنه أديت به عبادة فقد ذهبت قوته فيها فلا يقوى لعبادة أخرى، وقيل لكونه أزال المانع، وقيل لكونه لا يعلم سلامته من الأوساخ، وقيل لأنه ماء الذنوب، وقيل لأنه لم ينقل عن السلف جمع ذلك واستعماله، والراجح في تعليل الكراهة كونه مختلفا في طهوريته.
واعلم أن لفظ المدونة: ولا يتوضأ بماء قد توضئ به ولا خير فيه، ابن القاسم وإن لم يجد غيره توضأ به أحب إلي إذا كان الذي توضأ به أولا طاهر الأعضاء فتأول الأكثر قول الإمام: ولا خير فيه على الكراهة فيكون وفاقا لقول ابن القاسم، ولذلك ينبغي إسقاط لفظ أحب إلي كما اختصرها ابن أبي زيد، وحملها على الوجوب كما قال صاحب الاستيعاب، وحمل ابن رشد قول الإمام على المنع فيكون خلافا لابن القاسم، واختاره ابن عبد السلام، انظر الحطاب وحاشية الشيخ محمد بن الحسن، وفي الحطاب بعد جلب نقول: والحاصل أن من وجد من الماء ما يستعمله في