للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَلَيَالٍ عَشْرٍ (٢)}: العشر الأول من ذي الحجة، ولا شك أن الإقسام بها يقتضي اختصاصها بمزيد فضل، وهذا ظاهر. انتهى. قاله الحطاب. وعاشوراء؛ يعني أنه يندب صوم يوم عاشوراء؛ وهو اليوم العاشر من المحرم لا التاسع كما قيل به، ولا الحادي عشر كما قيل به وهو مردود، وإنما ندب صوم عاشوراء، لقوله صلى الله عليه وسلم: (صوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله (١))، رواه مسلم وغيره، وفيه تيب على آدم، واستوت السفينة على الجودي، وفلق البحر لوسى، وأغرق فرعون، وولد عيسى، وأخرج يونس من بطن الحوت، ويوسف من الجب، وتيب على قوم يونس. وفي بعض كتب الوعظ أنه صلى الله عليه وسلم، قال لعمر: (إن الله خلق السماوات والأرض والشمس والقمر والنجوم والعرش والكرسي والجنة في يوم عاشوراء، وخلق آدم فيه وأدخل الجنة فيه، وولد إبراهيم فيه ونجاه الله من النار فيه، ورفع عيسى إلى السماء فيه، ورفع فيه إدريس مكانا عليا، وأخرج يوسف من السجن فيه، وأعطي سليمان الملك فيه، وفيه كشف بصر يعقوب، وضر أيوب، وغفر لنبيه داوود فيه (٢))، وروي أنه يوم الزينة الذي كان فيه ميعاد موسى لفرعون، وأول مطر نزل من السماء كان يوم عاشوراء وفيه صامت الوحوش والهوام، لما رواه أبو موسى المديني أن رجلا أتى البادية في يوم عاشوراء فرأى قوما يذبحون ذبائح فأخبروه أن الوحوش صائمة، وقالوا له: اذهب بنا نرك فذهبوا إلى روضة وأوقفوه، فلما كان بعد العصر جاءت الوحوش من كل جهة وأحاطت بالروضة واقفة رؤوسها ليس شيء منها يأكل، حتى إذا غابت الشمس أسرعت جميعا فأكلت.

وأخرج الخطيبي في تاريخه مرفوعا أن: الصرد والطير صام يوم عاشوراء، وروي عن الخليفة القادر بالله أنه كان يبيت الخبز للنمل كل يوم فيأكله إلا يوم عاشوراء، ومثله مروي عن قثم رحمه الله تعالى، وتوقف عبد الحق في ثبوت ذلك، ولا يبعد أن يكون لها صوم خاص كما كان لبعض الأمم بترك الكلام. انظر الشبراخيتي. وفي الحطاب أن الإمام الشافعي، قال: إن عاشوراء اليوم التاسع من المحرم، وقال إمامنا مالك: والأكثر هو العاشر، وهو الذي تدل عليه الأحاديث كلها.


(١) مسلم، كتاب الصيام، الحديث ١١٦٢.
(٢) الآثار المرفوعة دي الأخبار الموضوعة، ص ٩٤.