للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المدونة: من شهد العشاء ليلة القدر فقد أخذ منها، وروي: [من صلي المغرب والعشاء في جماعة فقد أصابها أو وافقها] (١)؛ أي أخذ منها حظه لا أنه كمن قامها.

سند: لم يذكر الصبح مع ما جاء في شهوده من أنه كقيام ليلة لأنها إلى مطلع الفجر، فلا يكون الصبح من وقت الفضل المختص بها، وانظر هذا مع ما ورد أن ليالي أربعا ليلها كنهارها: ليلة الجمعة، وليلة العيد، وليلة النصف من شعبان، وليلة القدر، وفي الحديث: [كنت أريت ليلة القدر فتلاحي فلان وفلان] (٢)؛ أي أبي بن كعب وعبد الله بن [أبي] حدرد؛ أي تخاصما لأجل اقتضاء أحدهما دينا من الآخر فرفعت؛ أي رفع تعيينها لا ذاتها كما قيل، فهي باقية ببقاء هذه الأمة، ولو قال لزوجته في رمضان: أنت طالق ليلة القدر لنجز عليه الطلاق على مذهب مالك أنها باقية، وعلى أنها ارتفعت فهو كما لو قال لها: أنت طالق أمس فيلزم، وقيل: لا يلزم.

تنبيه: اختلف في المفاضلة بين ليلة القدر وليلة الإسراء، واختلف أيضا بين الليلتين المذكورتين وليلة مولده صلى الله عليه وسلم، قال بعض المحققين: وعلى تقدير تفضيل إحدى الليلتين على ليلة القدر، فمعناه تفضيل خصوص تلك الليلة التي ولد فيها بعينها، وخصوص تلك الليلة التي أسري فيها، أما نظيرتهما من كل عام فليلة القدر أفضل. قاله الأمير في شرح سورة القدر.

واعلم أن مبطلات الاعتكاف منها ما ينعطف على ما قبله؛ أي يبطل زمنه وغيره ويوجب استينافه؛ وهو ما مر ذكره في قوله: "وإلا خرج وبطل"، وما شبه به وعطف عليه، ومنها ما يخص زمنه ولا ينعطف على ما قبله وهو على ثلاثة أقسام: ما يمنع الصوم والمسجد وأشار إليه بقوله: "وبني بزوال إغماء أو جنون"، وما يمنع الصوم فقط وأشار إليه بقوله: "كأن منع من الصوم لمرض" لخ، وما يمنع المسجد فقط كالسلس وأشار إلى القسم الأول بقوله: وبنى بزوال إغماء أو جنون؛ يعني أن المعتكف إذا نذر أياما غير معينة أو معينة من رمضان، فحصل له عذر من إغماء أو جنون أو مرض شديد لا يجوز معه المكث في المسجد، ثم زال عذره ذلك، فإنه يبني بناء ملاصقا لزوال العذر؛ بمعنى أنه يأتي بما فاته من الاعتكاف لذلك العذر، ولا يلزمه أن يستأنف


(١) كنز العمال، رقم الحديث: ٢٤٠٩١. ولفظه: .. حتى ينقضي شهر رمضان فقد أصاب من ليلة القدر بحظ وافر.
(٢) البخاري، كتاب فضائل ليلة القدر، الحديث: ٢٠٢٣. وفي فتح الباري شرح صحيح البخاري في شرح هذا الحديث: قيل هما عبد الله بن أبي حدرد وكعب بن مالك، ذكره ابن دحية ولم يذكر له مستندا.