للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يشترط في وقوعه فرضا الحرية، يشترط فيه أيضا التكليف، فإذا حج الصبي فلا يقع منه فرضا، فإذا بلغ وجب عليه أن يحج حجة الإسلام، ولا يسقط عنه الوجوب بحجه في الصبا ولو مراهقا ولو نوي به الفرض، ومثل الصبي المجنون وضعيف العقل وهو المعتوه، فلا يقع من الجميع فرضا، وقوله: "وشرط"، مبتدأ مضاف ووجوبه مضاف إليه، وخبر المبتدأ قوله: حرية، كما يعلم من التقرير، وقوله: وتكليف، عطف على الخبر كما يعلم من التقرير أيضا؛ أي يشترط في وجوب الحج ووقوعه فرضا أمران؛ أحدهما الحرية ثانيهما التكليف، والتكليف بالبلوغ والعقل، وسيأتي للمصنف تقييد الوجوب بالاستطاعة.

ولما أطلق قوله: "كوقوعه فرضا"، ولم يقيده بإمكان الاستطاعة علمنا أنه لو تكلف الحج في الحالة التي لا يجب عليه فيها فإنه يقع فرضا، ويجزئه عن حجة الفرض إن أتي به على الوجه المقرر. واعلم أن شروط وجوب الحج ثلاثة: الحرية والتكليف والاستطاعة كما سيقول المصنف: "ووجب باستطاعة" لخ، وشروط وقوعه فرضا: ثلاثة أيضا الحرية والتكليف وعدم نية النفل؛ لأن غير المستطيع إذا تكلف وأداه وقع فرضا كما مر قريبا، وكذا السفيه إذا أداه بغير إذن وليه حيث لم يطلع عليه حتى فعله، فالظاهر أنه يقع فرضا إن أتى به على الوجه المشترط في الفرض. والله سبحانه أعلم.

وقد مر أنه إذا أحرم بغير إذن وليه فله تحليله، وقد علمت أن المراد بالفرض حجة الإسلام؛ لأن المنذور يفعله العبد، وسيأتي للمصنف أن السفه من موانع الحج إلا بإذن وليه، فيزاد في السفيه إذن الولي، فتكون شروط الوجوب في حقه أربعة هذا هو الظاهر دون ما للرماصي. والله سبحانه أعلم.

وقوله: "كوقوعه فرضا"، قال الشيخ الخرشي: الظاهر أن قوله: "كوقوعه فرضا"، مقدم من تأخير، والأصل: وشرط وجوبه حرية وتكليف كوقوعه فرضا، فاعترض به بين المبتدإ وخبره ولم يعطفه على المبتدإ ويخبر عنهما بخبر واحد، ليرجع قوله: وقت إحرامه، وما بعده لما بعد الكاف؛ يعني أن الحرية والتكليف إنما يعتبران في وقوع الحج فرضا وقت الإحرام.