للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان مذهب الإمام الأوزاعي هو المعروف في الأندلس قبل ذلك؛ فقد ذكر المقري في نفح الطيب: "أن أهل الأندلس كانوا في القديم على مذهب الأوزاعي، وأهل الشام منذ الفتح؛ وفي دولة الحكم بن هشام بن عبد الرحمن، وهو ثالث الولاة الأمويين بالأندلس، انتقلت الفتوى إلى رأي مالك بن أنس وأهل المدينة، فانتشر علم مالك ورأيه بقرطبة جميعا وذلك برأي الحكم واختياره (١) ".

وقد ذكر القاضي عياض أن علي بن زياد التونسي هو: "أول من فسر لأهل المغرب قول مالك، ولم يكونوا يعرفونه، وقد كان دخل الحجاز والعراق في طلب العلم، وهو معلم سحنون الفقه (٢) " وهو من علماء تونس، وقد كان الغالب عليهم تقليد الإمام أبي حنيفة.

وكان يوجد بالقيروان، إضافة إلى المذهب المالكي، كل من المذهب الحنفي، والشافعي، والظاهري. ولما جاء المعز بن باديس عام (٤٠٧ هـ) حمل الناس على العمل بالمذهب المالكي، بعد تبنيهم المذهبَ الحنفي، من جهة دولة الأغالبة والعبيديين.

أما المغربان: الأقصى، والأوسط؛ فقد اختلفت الروايات في تاريخ دخول المذهب إليهما بين أواخر القرن الثالث الهجري، أو أواسط القرن الرابع الهجري (٣).

وقد كانت كلمة "المغرب" تطلق على الغرب الإسلامي بكامله (٤) وبقيام الدولة المرابطية انتشر المذهب في عموم المغرب حتى قال المراكشي في المعجب: "لم يكن يقرب من أمير المؤمنين ويحظى عنده، إلا من علم عِلْم الفروع؛ فنفقت في ذلك الزمان كتب المذهب وعمل بمقتضاه، ونبذ ما سواها" (٥).

وإذا كان المذهب قد انتشر في المغرب الإسلامي، وقويت أسسه ودعائمه، وأصبح هو المذهب المعمول به في التدريس، والفتوى، والقضاء؛ فإن ذلك يرجع لأسباب منها:


(١) المقري، نفح الطيب ج ٣ ص.٢٣٠.
(٢) القاضي عياض، المدارك، ج ٣ ص ٨٠.
(٣) المباحث، م. س. ذ، ص ١٩.
(٤) المرجع نفسه، ص ١٩.
(٥) المعجب، ص ٢٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>