ادعاه عند ذبحه كره أكلها، فأقسامه أربعة. ولابن رشد: إن ادعى التمييز نوي في حق نفسه. قاله الشيخ عبد الباقي. وإنما اشترط التمييز لافتقار الذكاة بالإجماع إلى النية، وتصح ذكاة المجنون حال إفاقته. يناكح صفة "لميز"؛ يعني أنه يشترط في هذا المميز أن يكون ممن تنكح الأنثى منه، فيدخل الكتابي ذكرا أو أنثى ولو صبيا أو أمة، فالمراد بالنكاح الوطء، وسواء في ذلك الذمي والحربي فتؤكل ذبائح الجميع، والفاعلة ليست على بابها؛ لأنه لا يباح لنا أن ننكحهم نساءنا، واحترز بذلك من المجوسي والمرتد والصابي ونحوهم. وقوله:"قطع"، احترز به من الخنق والنهش.
وبما قررته علم أن قوله: تمام، مفعول لقوله:"قطع"؛ أي جميع -كما نقله الخرشي عن الشيخ سالم- الحلقوم، مضاف إليه ما قبله، والحلقوم بضم الحاء المهملة والقاف بينهما لام ساكنة هو القصبة البيضاء التي هي مجرى النفس والحس، ولابد أن تبقى دائرة منها إلى الرأس، وإلا فهي المغلصمة فلا تؤكل على المذهب، وهو قول مالك وابن القاسم؛ وقال ابن وهب: تؤكل، وهو مذهب الشافعي.
ابن ناجي: وبقول ابن وهب وقعت الفتوى عندنا بتونس منذ مائة عام مع البيان عند البيع، وفي الخرشي إضافة تمام إلى الحلقوم والودجين من إضافة الصفة إلى الموصوف؛ أي الحلقوم التام، ولو قال: قطع جميع، كان أبين.
ويضمن الجزار إن غلصم شاة رجل إن فرط على مذهب مالك وابن القاسم، لا إن لم يفرط كما لو اضطربت الذبيحة، وهو محمول على عدم التفريط إن ادعاه لأنه أمين، والودجين عطف على قوله:"الحلقوم"؛ أي وكما يشترط قطع جميع الحلقوم، يشترط قطع جميع الودجين وهما: عرقان في صفحتي العنق يتصل بهما أكثر عروق البدن ويتصلان بالدماغ، ولا يشترط قطع المريء الأحمر بالهمز كأمير على المشهور وهو مجرى الطعام والشراب، ومقابل المشهور عزاه اللخمي لرواية أبي تمام، وعزاه ابن فرحون له لا لروايته، وعياض لرواية البغداديين. وللشافعي: لابد من قطعه، والظاهر وجوب بيان عدم قطعه عند البيع للشافعي.