بجلد أو يسير لحم بحيث لا يلتحم ولا يعود لهيئته، فإن ذلك المبان ميتة أي لا يحل أكله، وحكمه حكم الميتة، فإن علم أنه يعود لهيئته أكل جميعه كما لو حصل بالدون إنفاذ مقتل، ولهذا قال: إلا الرأس؛ يعني أن الذي أبين أي قطع من الصيد وهو دون نصف؛ إذا كان هو الرأس يؤكل لأنه مقتل، وكذا نصف الرأس فيؤكل المبان وغيره، ولو كان المبان النصف فلا إشكال في أكل النصفين، وما أبين من غير الصيد قبل الذكاة ميتة.
والحاصل أن ما أبين قبل الذكاة ميتة، فذكاة الصيد بموته أو إنفاذ مقتله، وذكاة غيره بذبحه أو نحره أو ما يموت به نحو الجراد، فما بأن قبل التذكية فهو ميتة. ولله عبارة الأمير ما أحسنها حيث يقول: وما أبين قبل الذكاة ميتة. انتهى. قال في تقييده: ومعلوم أن ذكاة الصيد بموته أو إنفاذ مقتله، والرأس والنصف لا يخلوان عن مقتل. انتهى. وقوله:"ودون"، يجوز فيه الرفع والنصب، فإن رفع كان مبتدأ وخبره "ميتة"، وإن نصب فالظاهر أنه صلة لموصول مقدر هو المبتدأ، وخبره:"ميتة"؛ أي وما دون نصف أبين ميتة. والله أعلم. انظر حاشية الشيخ محمد بن الحسن بناني.
ابن يونس: فإن كان يعلم أن ما تعلق منه يلتحم ويعود لهيئته أكل جميعه. انتهى. قاله الش. وتأمك قوله: يعلم، فإنه يقتضي أنه إذا لم يتحقق ذلك لا يؤكل المبان. والله سبحانه أعلم.
ولما كان الصيد من جملة المباحات ما لم يسبق عليه ملك كما روي وإن كان غير ثابت اللفظ:(من سبق إلى مباح فهو له (١))، شرع يتكلم على حكمه قبل سبق ملك عليه وبعده، فقال: وملك الصيد المبادر؛ يعني أن الصيد الذي لم يسبق عليه ملك إذا رآه واحد أو جماعة فبادر إليه أحد منهم أو بادر إليه غير الراءي ووضع يده عليه فإنه يملكه؛ لأن الصيد إنما يملك بوضع اليد لا بالرؤية، ويملكه بوضع اليد ولو حكما، فيشمل ما إذا فعل به ما صار به بمنزلة ما في يده، ككسر رجله أو قفل مطمورة عليه أو سد جحر عليه وذهب ليأتي بما يحفر به فجاء آخر ففتحه وأخذه، فهو لمن سده، فإن تنازع الآخذ والآخر في وضع اليد ولم يأت مدعي وضع اليد ببينة فهو للآخذ وعليه لدعي وضع اليد اليمين. قاله الشيخ محمد بن الحسن رادا على الشيخ عبد الباقي في استظهاره