فرق -فتأمله- على أنا وإن قلنا بالضمان فلا يضمن إلا نصف الصداق لأنه الذي وقع فيه التفويت، وأما النصف الآخر فإنه يأخذه بالإرث. قاله العلامة بناني.
وقوله: بيده: متعلق "بترك"، وحينئذ فالباء سببية وفي الكلام حذف مضاف، والتقرير كترك تخليص بسبب إمساك يده أي قدرته، ولو بلسانه أو جاهه أو ماله، وإذا خلص بمال ضمنه رب المتاع المخلص، واتبع به إن أعدم أو بشهادته -يعني أن من شهد لشخص بحق على آخر وجحده والشاهد قادر على تخليصه بشهادته فترك الشهادة حتى فات الحق بموت الغريم أو ما أشبهه من وجوه الفوت، فإن الشاهد يكون ضامنا لذلك الحق، وهذا حيث طلبت منه الشهادة، أو علم أن تركها يؤدي إلى فوت الحق وترك، والظاهر أنه محمول على عدم العلم، وكذا يقال فيما بعده.
وشمل كلام المص ما لو رأى فاسقين يشهدان بقتل أو دين شهادة زور فترك التجريح، وقوله:"أو بشهادته"، يشمل ما في الذمة كما قررت، والمعيَّنَ فيما إذا كان غير مالكه هو الواضع يده عليه ويدعي أنه له، وكذا لو رأى من يغرم وعنده الشهادة أنه وفَّى، وقوله:"أو مال"، يشمل ما إذا هرَّب السجانُ من عليه الحق، وكذلك رسول القاضي إذا هرَّبه، ولو سألك أحد عن غريمه وهو عندك أو في بيتك فقلت له: لا أعرف أين هو وأنذرته فهرب كنت ضامنا، وكذلك لو هرَّبته. ولو انفلتت دابتك فوقفت على بئر وهي تطلب السقْيَ، فجاء شخص فسقاها فذهبت لضمن. الحطاب: وهذا بين إن كان إن تركها وقفت على البئر تنتظر من يسقيها ولا يبقى عليها ضرر العطش، وأما إن كان إن تركها ماتت ففي ضمانه نظر. انتهى. قاله الشبراخيتي.
أو بإمساك وثبقة؛ يعني أن من كانت عنده وثيقة لرجل في إثبات حق كدين أو دم أو عفو عن دم مثلا، فلم يردها متعديا عليه بحبسها حتى افتقر الرجل أو مات ولا شيء عنده، فإنه يضمن ذلك الحق الذي هو مكتوب في الوثيقة، وهذا يصدق بما إذا كان شاهدها لا يشهد إلا بها، وبما إذا نَسِيَ الشاهد ما يشهد به ويذكر برؤيتها، أو كان لا يشهد بما فيها إلا على خط شاهدها، ولو كانت الوثيقة مكتوب بيت فباعه ربه فنقص ثمنه بسبب حبس الوثيقة ضمن حابسها ما نقص،