للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإن خرج حيا ذكي؛ يعني أن محل كون ذكاة الجنين بذكاة أمه إن نزل ميتا، فإن خرج حيا وقد تم خلقه ونبت شعره فلابد من ذكاته؛ لأنه استقل بحكم نفسه فلا يؤكل إلا بذكاة إن كانت حياته يرجى عيشه معها أو يشك فيها، وإن كان الذي به من الحياة رمق يعلم أنه لا يعيش معه فإنه يؤكل بغير ذكاة وهل ذكاته في هذه الحالة إذا لم يسبق بنفسه شرط، وهو ظاهر المص وهو ليحيى بن سعيد وعيسى بن دينار، أو مستحبة وهو المذهب، فلو بودر بالذكاة في هذه الحالة ففات قبل التذكية من غير تفريط أكل، ولهذا قال: إلا أن يبادر فيفوت؛ يعني أن الجنين الذي خرج بعد ذكاة أمه وبه رمق يعلم أنه لا يعيش معه وبادرناه بالتذكية ففات فإنه يؤكل، وقوله: "يبادر"، بفتح الدال أي الجنين، وقوله: "فيفوت"؛ أي يسبق المبادر الموت من غير تفريط، ولو كان الجنين الذي خرج حيا بعد ذكاة أمه لم يتم خلقه ولم ينبت شعره، فذكاته ساقطة لأنه كالميتة.

وما قررت به كلام المص هو الذي قرره به الإمام الحطاب، وقرره الشيخ محمد بن الحسن بناني على أن المراد بقوله: "إلا أن يبادر فيفوت"، استحباب ذكاته أي المأيوس منه فيؤكل بدونها. والله سبحانه أعلم. وإذا قلنا إن ذكاة الجنين بذكاة أمه إن خرج ميتا، فلا فرق بين أن يكون مات في بطن أمه بموتها أو أبطأ موته بعد موتها وترك في بطنها حتى مات، هذا حكم الجنين الخارج بعد ذكاة أمه، وأما المشيمة وهي: وعاء الولد، ففيها ثلاثة أقوال: الجواز والمنع والتفصيل إن أكل الجنين أكلت وإلا فلا، وقد اتضح لك أن هذه الأقوال إنما هي في مشيمة المذكاة وذلك ظاهر. والله سبحانه أعلم. وروى ابن حبيب استثقال أكل عشرة دون تحريم: الأنثيان والعسيب والغدة والطحال والعروق والمرارة والكليتان والحشاو المثانة وأذنا القلب، ونظمها التتائي فقال:

طحال وعرق غدة ومرارة … عسيب حشا والأنثيان مع الكلا

كذا أذن للقلب ثم مثانة … روى ابن حبيب ثقل ذلك فانقلا