للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}، والمخلب للطائر والسبع بمنزلة الظفر للإنسان، وروي عن مالك كراهة أكل الخطاف لقلة لحمه فهو تعذيب من غير فائدة.

ونعم؛ يعني أن النعم وهو الإبل والبقر والغنم يباح أكله ولو جلالة، فهي على حكمها في الأصل في إباحة أسئارها وأعراقها ولحومها وألبانها، ولو تغيرت اللحوم والألبان. هذا هو المشهور.

وفى الحطاب قال ابن رشد: يمنع من ذبح فتيّ الإبل مما فيه الحمولة، وذبح الفتي من البقر مما هو للحرث، وذبح ذوات الدر من الغنم للمصلحة العامة.

ووحش لم يفترس؛ يعني أن الوحش وهو الحيوان البري الذي لا يألف الإنس غالبا يباح أكله إذا كان لا يفترس أي يصير حيوانا آخر فريسة أي قتيلا أو مدقوق العنق فيأكله، وافترسه: اصطاده، والحيوان الذي لا يفترس كالغزلان وبقر الوحش وحمره والضب، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن خالد بن الوليد رضي الله عنه أخبره أنه دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم على ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهي خالته وخالة ابن عباس رضي الله عنهما، فوجد عندها ضبا محنوذا فقدمته إليه وكان قلما يقدم إليه طعام حتى يحدث عنه ويسمى له، فأهوى إليه بيده فقالت امرأة من النسوة الحضور: أخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قدمتن له، فقلن: هو الضب، فرفع يده فقال خالد رضي الله عنه: أحرام هو يارسول الله؟ قال: لا ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه، قال خالد: فاجتررته فأكلته ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر فلم ينهني (١)). رواه في التيسير عن الستة إلا الترمذي.

وأما الوحش البري المفترس كالأسد والنمر والفهد والضبع والهر الوحشي، فإنه اختلف في ذلك على ثلاثة أقوال: الأول وهو مذهب الموطإ تحريم الجميع، لما خرجه مالك وغيره: (أكل كل ذي ناب من السباع حرام (٢))، والثاني أن جميع ذلك مكروه وهو الذي يحكيه العراقيون عن المذهب، وهو ظاهر المدونة وهو الذي مشى عليه المص فيما يأتي، وسيأتي توجيهه إن شاء الله تعالى: والقول الثالث الفرق بين ما يعدو، -والعداء خاص بالآدمي والافتراس عام في الآدمي وغيره-،


(١) التيسير ج ٣ ص ٨٨.
(٢) الموطأ ج ١ ص ٣٢٣. ومسلم، كتاب الصيد، رقم الحديث ١٩٣٣.