للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يضَحِّ بشيء منه (١)). بمنى؛ يعني أن الحر إذا كان بمنى تسن في حقه الضحية إذا لم يكن حاجا وأحرى إذا كان بغير منى، فقوله: "بمنى"، صفة لحر هكذا أعربه الشيخ علي الأجهوري، وتعلقه بحاج لا يصح؛ لأن الحاج لا تسن في حقه مطلقا كان بمنى أو غيرها.

والحاصل أن المدار في سقوطها على الإحرام بالحج فإذا فسد أو فاته تسن له إن تحلل بفعل عمرة أيام النحر، فإن استمر على إحرامه حتى فاتت أيام النحر لم تسن له.

فتحصل من هذا أن من لم يحج من أهل عرفة أو منى أو مكة فكأهل الآفاق تسن له الأضحية، لأن دليل الأضحية يتناول كل مستقر في وطنه، وخرج الحاج من ذلك وبقي من عداه.

ضحية، نائب "سن"، فيسن له أن يضحي عن نفسه وعن أبويه الفقيرين وولده الصغير الذي لا مال له، لا عن زوجته ولا عن رقيقه، ويستمر خطابه بها عمن ذكر إلى سقوط نفقتهم، خلاف ما في شرح الشيخ عبد الباقي من أنه تسقط عنه بمجرد احتلام ابنه ولو فقيرا عاجزا عن الكسب، وبمجرد دخول الزوج بالأنثى، ومن ولد في يوم النحر واليومين بعده فإنه يضحى عنه، وكذا من أسلم لبقاء وقت الخطاب نص عليه غير واحد.

لا تجحف؛ يعني أن محل كون التضحية سنة إذا كانت الضحية أي الذات المضحى بها لا تجحف بالمضحي بأن لا يكون محتاجا إلى ثمن ما يضحي به، فإن أجحفت به بأن احتاج ولو في أي زمن -من يوم العيد إلى تيسر شيء له في عامة أو بعده إلى مثله- لم تسن له، والإجحاف الإتعاب، وهل يطلب من الفقير تسلف ثمنها أم لا؟ خلاف، والذي يفهم من المص أنه لا يطلب منه ذلك، والفرق عليه بينها وبين زكاة الفطر وجوبها وسنة الضحية. قاله الخرشي.

وإن يتيما مبالغة في قوله: "لحر"؛ يعني أن الضحية تسن في حق الحر ذكرا أو أنثى، مسافرا أم لا، كبيرا أو صغيرا، وإن كان ذلك الصغير يتيما فيخاطب الولي بفعلها عن اليتيم من ماله، ويقبل قوله أنه ضحى عنه، كما يقبل قوله في تزكية ماله والنفقة عليه. قاله الخرشي. ويرفع لمالكي إن خشي تغريم غيره ولا يتسلف لها ولو رجا الوفاء، بخلاف الفطر. قاله الشيخ الأمير.


(١) المنتقى للباجي كتاب الضحايا ج ٤ ص ١٧٩.