وريح عسرا"، فخشي أن تتوهم طهارة الغسالة المتغيرة بما عسر زواله من ذلك. والله سبحانه أعلم وعلم مما مر أن الثوب مثلا لا يتنجس بالغسالة المتغيرة من لون وريح عسرا. قال الشيخ الأمير:
قل للفقيه رأيت شيئا طاهرا … وأتى له الماء الطهور المطلق
فتنجس الماء الذي لابسه … وله الطهارة لم تزل تتحقق
ولو انفصلت غسالة النجس أو المتنجس غير متغيرة بشيء من أوصاف النجاسة كانت طاهرة، ولو غسلت قطرة في بعض ثوب أو جسد فشاعت غير متغيرة ولم تنفصل كان طاهرا، وغسالة الطاهر طاهرة، وقوله: "لا لون وريح" في حديث خولة بنت يسار في الدم العسير الزوال قال صلى الله عليه وسلم (يكفيك الماء ولا يضرك أثره)(١) رواه أحمد وأبو داوود، وقيس الريح على اللون بجامع الشقة ولو زال عين النجاسة بغير المطلق لم يتنجس ملاقي محلها يعني أنه إذا أزيلت عين النجاسة بغير الماء المطلق، إما بماء مضاف، أو بشيء قلاع غير الماء كالخل ونحوه، وقلنا إن ذلك لا يطهر محل النجاسة، وأنه محكوم عليه بها، ولا تجوز الصلاة به، ثم لاقى ذلك المحل وهو مبلول شيئا أو لاقاه شيء مبلول بعد أن جف، أو في حال بلله فإنه لا يتنجس ذلك الملاقي لمحل النجاسة على ما عليه الأكثرون، وقال القابسي: يتنجس، وعلى هذا الخلاف اختلف الشيخان ابن أبي زيد، والقابسي: إذا دهن الدلو الجديد بزيت واستنجى منه فلا يجزئه عندهما، ويغسل ما أصاب ثوبه عند القابسي لا عند ابن أبي زيد، وكذا لو استجمر بأحجار ثم عرق المحل فإنه لا يضر الثياب؛ لأنه أثر معفو عنه وهو الأصح، وقيل لا يعفى عنه. ولو جف البول حتى لم يبق له لون ولا طعم ولا ريح ثم وضع في محله طعام مائع لم يتنجس كما يقتضيه المص قاله الشيخ محمد بن الحسن. وقال الأمير: وليس من الزوال جفاف البول بكثوب نعم لا يضر الطعام اليابس. انتهى. وإنما لم يتنجس الملاقي للمحل بعد زوال العين؛ لأن الحكم عدمي لا وجودي، وفي كلام الشيخ عبد الباقي نظر.
(١) مسند أحمد، ج ٢ ص ٣٦٤. ولفظ أبي داود: يكفيك غسل الدم ولا يضرك أثره. أبو داود في سننه، كتاب الطهارة، رقم الحديث ٣٦٥.