للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسح فوق حائل كطيب أو غيره على رأسه لغير ضرورة لم يجزه ولو عروسا، ولضرورة يجزئ، وإذا نزغ جرى على نزع الجبيرة، وقال أحمد بن حنبل بجواز المسح على العمامة والخمار اختيارا، وهو مذهب داوود والثوري والأوزاعي، واشترط أحمد لبس ذلك على طهارة، وبعض أصحابه تحنيك العمامة؛ لأن ذلك سنتها، وذكر ابن ناجي أن ابن راشد حضر درس بعض الحنابلة: فقال المدرس: الدليل لنا على ملك في المسح على العمامة أنه مسح على حائل أصله الشعر فإنه حائل، فأجابه ابن راشد بأن الحقيقة إذا تعذرت انتقل إلى المجاز، فإن تعدد فإلى الأقرب منه؛ والشعر هنا أقرب، والعمامة أبعد، فيتعين الحمل على الشعر، فلم يجد جوابا ونهض قائما وأجلسه بإزائه. قاله الشيخ إبراهيم. وقول الص: "على" يحتمل أن يكون حرف جر، ويحتمل أن يكون فعلا ماضيا من العلو، ويكون لفظ الجمجمة منصوبا على المفعولية.

واعلم أن مشهور المذهب أن مسح جميع الرأس واجب كما مر، فإن ترك بعضه لم يجزه، وقال ابن مسلمة: يُجزئ الثلثان: وقال أبو الفرج: يجزئ الثلث، وقال أشهب: تجزئ الناصية، وروي عنه أنه قال: إن لَّم يعم رأسه أجزأه وأطلق ولم يبين قدره، وذهب الإمام الشافعي والإمام أبو حنيفة وجماعةٌ من أهل العلم إلى إجازة مسح بعض الرأس، ووجه المذهب ما ذكره إمامنا مالك من أن الله تعالى أمر بمسح الرأس وغسل الوجه، ولابد من الاستيعاب في غسل الوجه، فكذا مسح الرأس واعتبارا بمسح الوجه في التيمم؛ ولأن العمل بذلك ثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأفعاله القرب تحمل على الوجوب إلا ما خصه الدليل، وكل ما يتعلق به المخالف من أن المسح لا يقتضي الاستيعاب، أو أن الباء في قوله عز وجل: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} للتبعيض، يبطل بقوله عز وجل في التيمم: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} سيبوبه الباء للتأكيد؛ أي امسحوا رؤوسكم، وما رواه مسلم والترمذي والنسائي من (أنه صلى الله عليه وسلم مسح بناصيته وعلى العمامة (١)) لا حجة فيه بل هو حجة عليهم؛ لأنه لو أجزأ المسح على الناصية لما مسح على


(١) مسلم في صحيحه، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٢٧٤.
- الترمذي في سننه، أبواب الطهارة، رقم الحديث ١٠٠.
- النسائي، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ١٠٧.