خلافا للأوزاعي، ومنعت خطبة راكنة لذمي بخلاف راكنة لفاسق؛ لأن الفاسق لا يقر شرعا على فسقه بخلاف الذمي فإنه يقر بالجزية على كفره، وإن ركنت المرأة إلى رجل ولم يركَنْ هو لها بأن بعثت إليه تخطبه وركنت إليه دون أن يركن هو لها ففي كلام صاحب الإكمال ما يدل على أنه يجوز لغيره خطبتها، وللحنابلة فيها قولان نقله الحطاب، وقال أبو علي: التحقيق هو الجواز لعدم التراكن من الجانبين. انتهى
ويتحصل من كلام غير واحد أن ركون المجبر كاف في الحرمة ولو ظهر ردها، وكذا ركون الولي غير المجبر ما لم يظهر ردها، وأن ركون غير المجبرة كاف في الحرمة ولو ظهر رد وليها، وأن كل من يقوم مقامها كأمها كاف في الحرمة ما لم يظهر ردها. انتهى. وهو خلاف ما لأبي علي فإنه قال: وأما غير الراكنة فلا تحرم خطبتها على المذهب؛ لأن غير المجبر إن ركن فلا عبرة به لأن الركون المعتبر هو الذي لم يبق معه إلا العقد أو أمر تافه، وأما المجبر فالمعتبر ركونه هو. انتهى. وشرط الرد الذي تنتفي به الحرمة أن يكون لا بسبب خطبة الثاني وإلا لم تنتف الحرمة، فإن تزوجت الثاني وادعت هي أو مجبرها أنها كانت رجعت عن الركون للأول قبل خطبة الثاني وادعى الأول أن الرجوع بسبب خطبة الثاني ولا قرينة لأحدهما فالظاهر أنه يعمل بقولها وقول مجبرها؛ لأن هذا لا يعلم إلا من جهتهما وهو موجب للصحة، وذكر إبراهيم اللقاني أنه لا بد من الإشهاد على الرجوع لا لخطبة الثاني. قاله الشيخ عبد الباقي.
ولو لم يقدر صداق؛ يعني أن المرأة إذا أظهرت الرضا بالرجل وركنت إليه وركن إليها فإنه يحرم على غيره أن يخطبها وإن لم يتفقا على صداق؛ لأن النكاح ينعقد بغير تسمية الصداق في نكاح التفويض. قاله ابن حبيب عن ابن القاسم وابن وهب وابن عبد الحكم ومطرف وابن الماجشون وشهره غير واحد. قاله الشارح. ورد بلو قول ابن نافع: له أن يخطب ما لم يتفقا على صداق وهو ظاهر الموطإ، وفي المواق: مقتضى نقل ابن عرفة أن كلا القولين مشهور. انتهى. قال محمد بن الحسن: فكان على المص أن لو عبر بخلاف. والله سبحانه أعلم.
قال جامعه عفا الله عنه: يعلم مما مر عن الشارح رجحان القول الأول فلذا اقتصر عليه المص والله سبحانه أعلم.