يقول الخيار المذكور ثابت وإن كان الجنون مرة في الشهر، وإن طرأ قبل الدخول وبعد العقد. وكلام الرهوني يفيد أن المذهب على أن الجنون ثلاثة أقسام: القديم يثبت به الخيار لكل، الحادث بعد العقد وقبل الدخول يثبت به الخيار للمرأة دون الرجل، وقال الشافعي: يفارق ولا شيء عليه، الحادث بعد الدخول لا خيار فيه للرجل، واختلف في المرأة. والله تعالى أعلم.
وأجلا فيه يعني أنه حيث قلنا بالخيار بسبب الجنون على ما مر تحريره فإن من له الخيار مهما ليس له أن يرد نكاح صاحبه حين اطلع على الجنون الذي به. بل يؤجل في جنونه سنة حيث رجي برؤه كعذا هو المعول عليه دون ظاهر المدونة الذي هو تأجيل المجنون وإن لم يرج برؤه؛ فرجاء البرء شرط في التأجيل. وفي المدونة: وإذا حدث بالزوج جنون بعد النكاح عزل عنها وأجل سنة لعلاجه، فإن صح وإلا فرق بينهما، وقضى به عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
في برص يعني أن الخيار يثبت في البرص كما علمت لكن إنما يخير في الرد به بعد أن يؤجل سنة، فإذا تمت السنة ولم يحصل له البرء رده إن شاء وهذا حيث رجي برؤه، والجذام مثله في ذلك وهو داء يأكل اللحم أعاذنا الله من البلاء، ولهذا قال: وجذام يعني أن من به الجذام لصاحبه أن يرده بعد أن يؤجل سنة حيث رجي برؤه، ثم بعد تمام السنة له الرد وله البقاء مع صاحبه الذي به الجذام.
وبما قررت علم أن قوله: رجي برؤها شرط في الثلاثة وهي الجنون والبرص والجذام؛ أي إنما يؤجل في هذه الثلاثة حيث رجي برؤها، وأما إن لم يرج برؤها فله الرد من دون تأجيل وله البقاء مع صاحبه، وقوله:"برؤها" بضمير المؤنثة عائد على الثلاثة وفي نسخة بضمير التثنية عائد على الزوجين والإسناد في الأولى مجازي وفي الثانية حقيقي، والأصل في الاستعمال الحقيقة، وقوله:"وأجلا" بالواو، وفي بعض النسخ بلا واو وهي جواب شرط مقدر أي وإذا حصل الجنون أجلا فيه.
وقوله: سنة معمول أجلا أي يؤجل صاحب الجنون سنة ويؤجل صاحب البرص سنة ويؤجل صاحب الجذام سنة، والسنة في هذه الأمراض الثلاثة قمرية للحر ونصفها للعبد والأمة، وابتداء