للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الحطاب بعد أن ذكر اتفاق ابن أبي زيد والباجي على أنه لو قال سليمة البدن لكان شرطا ما نصه: وهذه السلامة غير السلامة في قول المص: إن شرط السلامة؛ لأن لفظ سليمة قد يكون مطلقا كما في هذا الأخير وقد يكون مقيدا بالسلامة من كذا مثلا من السواد أو العمى أو غير ذلك وهو الأول في كلام المص فتأمله. والله أعلم. انتهى. وقال الشبراخيتي: قوله الصحة أي الصحة المطلقة وهي صحة العقل والبدن، وأما الصحة المقيدة فله الرد اتفاقا إذا وجد خلافه. انتهى.

وقال الشارح مفسرا للمص: يريد أن المتأخرين ترددوا فيما إذا شرط الصحة ثم وجدت المرأة على خلاف ذلك هل ترد أم لا؟ فقال ابن أبي زيد: إذا كتب في العقد صحيحة العقل والبدن لم يكن ذلك شرطا، وقال الباجي في وثائقه: هو شرط. أبو محمد: ولو كتب في العقد سليمة البدن كان شرطا فترد بالعمى والسواد والشلل ونحوها، قال: وبهذا كان يفتي علماؤنا ونفتي نحن به، قال بعضهم: إنما فرق بينهما لأن الأول عادة جارية من تلفيق الموثق ولم تجر العادة بالثاني، وذكر أبو عمران من رواية الدمياطي عن ابن القاسم: لا رد له في شيء من العيوب كلها إلا العيوب الأربعة وإن اشترطت السلامة. انتهى.

قال جامعه عفا الله عنه: علم مما تقدم أن صحيحة البدن والعقل وسليمتهما سواء إذا ثبت أن الزوج اشترط إحداهما فيكون له الرد بلا تردد، وأما إن كتب الموثق ذلك ولم يعلم أن الزوج اشترطه فإنه لا يجري التردد في لفظ سليمة بل يكون شرطا فله الرد إن لم توجد سليمة، أما لفظ صحيحة فإنه جرى فيه التردد لجري العادة بأنه من تلفيق الموثقين على ذلك جرت عادتهم، وأنهم يكتبون صحيحة العقل والبدن ولو لم يشترط ذلك، فمن نظر إلى أن ذلك عادة جارية يحمل ذلك على الشرط لجريان العادة بذلك التلفيق، ومن نظر إلى أنه من تلفيق الموثقين جعل ذلك ليس كالشرط فلا يردها إن وجدها على خلاف ذلك، وقد مر أن كلام المتيطي يدل على أن الراجح أنه ليس كالشرط فلا رد؛ لأنه ظاهر المدونة وبه صدرت الفتوى. قال الشيخ محمد بن الحسن: فكان اللائق بالمص الاقتصار عليه. انتهى. ولا يخالف هذا ما مر عن الأمير من قوله: رجع لكتاب الموثق لما مر من قوله: عرفنا مساواة السلامة للصحة والله سبحانه أعلم. هذا هو تحرير المسألة والله أعلم.