وبما مر تعلم أن قول عبد الباقي: مطينة، إنما هو جواب عن استشكال القاضي فلا فرق بين الطينة وغيرها كما لو ظنها خلا كما مر عن الشبراخيتي، وأما عكس كلام المص وهو ما إذا وقع النكاح بقلة خمر فإذا هي خل فإنه يثبت النكاح أيضا بشرط أن يرضياه، بخلاف ناكح امرأة على أنها في العدة وظهر انقضاؤها فيثبت ولا خيار لواحد منهما، والفرق أن عصمة المعتدة هي عين المشتراة وإنما ظن تعلق حق الله بها فبان خلافه، وفي الأولى هي تقول لم أشتر خلا إن كرهت ويقول هو لم أبع منك خلا إن كره، ففرق بين ما يعتقد أنه حرام لعينه وبين ما يعتقد أن حرمته لأمر عارض. قاله الشيخ عبد الباقي. وقال الشيخ الأمير: والفرق اتحاد العين في هذه. انتهى. وهو حسن ويقرب منه كلام عبد الباقي. والله سبحانه أعلم.
ثم نبه على أربع مسائل يمتنع فيها البيع ويجوز فيها النكاح، فقال: وجاز بشورة يعني أنه يجوز أن يعقد النكاح على شورة معروفة كما في المدونة لحضرية أو بدوية ولا يجوز شراؤها، والشورة بالفتح متاع البيت وبالضم الجمال. قاله عبد الباقي. وقوله: وبالضم الجمال كذا في التنبيهات، ونصها: والشورة بالضم الجمال والحسن. انتهى. نقله الرهوني. وعبارة الشبراخيتي: وجاز النكاح بشورة أي إذا كانت معروفة نص عليه في المدونة، وهي بالفتح متاع البيت وبالضم الجمال كذا في بعض الشراح، وقال في الحاشية: بفتح الشين وضمها جهاز المرأة.
وبما قررت علم أن الشورة في مسألة المص هذه هي الصداق المعقود عليه.
وعدد من كإبل يعني أنه يجوز أن يعقد النكاح على عدد محصور من إبل أو بقر أو غنم ولو في الذمة وغير موصوف في الجميع كعشرة من الإبل من غير زيادة على ذلك اللفظ والواحد أولى في الجواز لأنه أخف غررا، أو رقيق يعني أنه يجوز أن يعقد النكاح على عدد من الرقيق ولو في الذمة وغير موصوف، وقال الشبراخيتي: أو عدد من رقيق غير موصوف أو موصوف كما في سماع عيسى ابنَ القاسم: من نكحت على رأسين بمأئة كل رأس بخمسين ثم غلا الرقيق فصار الرأس بمائة، إن ذكرت الخمسون صفة للرأس كصفة معلومة في البيع والسلم لزمت الصفة غلا الرقيق أو رخص، وإن ذكرت كي لا تزول أي لم يقصد بها الصفة غلا الرقيق أو رخص فالزوج كوكيل على الشراء بخمسين ليس عليه غيرها.