أسافر معه حتى يسلم لي ما حل من صداقي، وإنما يكون لها ذلك قبل الوطء، وقوله:"لا بعد الوطء" ليس المراد به الوطء بالفعل فقط إذ التمكين منه مسقط لحقها، فلو قال: لا بعد التمكين من الوطء، لفهم منه مسألة ما إذا حصل الوطء بالفعل بالأولى. قاله الشيخ إبراهيم.
وبما قررت علم أن قوله:"لا بعد الوطء" راجع لمسألتي السفر والوطء ولمسألة الدخول، وأما قول البساطي: ولو مكنت من الدخول ومن الوطء بعده فلها منع نفسها من السفر، وأن ذلك معنى كلامهم فالنص بخلافه. كما قاله الشبراخيتي. وكما يدل عليه كلام الحطاب والله سبحانه أعلم. وقال بناني: كلام البساطي غير صحيح، وقد تقدم أنه يكره للمرأة أن تمكن زوجها من نفسها حتى يقدم لها ربع دينار، ولو لم يكن الصداق حالا ولو رضيت بالدخول بلا شيء فلها أن تمنعه؛ لأن الكراهة في ذلك حق لله فلا تسقط عنه بإذنها، وقد مر قول ابن حبيب: إن اتفقا على البناء بغير تقديم شيء جاز، وأن محل ما تقدم حيث لم يطأها، فإن وطئها فلا يكره له ثانية وطؤها قبل أن يعطيها ربع دينار، ولا لها أن تمنعه خلافا لمحمد.
وفي المدونة: وللزوج أن يظعن بزوجته من بلد إلى بلد وإن كرهت وينفق عليها، وإن قالت: حتى آخذ صداقي، فإن كان بنى بها فله الخروج وتتبعه به دينا. انتهى. وقوله:"وللزوج" أي الحر لا العبد ولو كانت زوجته أمة. ابن رشد: للحر ذلك إلا أن يكون غير محسن ولا مأمون عليها وهو معنى ما في المدونة، وصرح به أشهب عن مالك. ابن رشد في سماع أشهب: هو محمول على ما يوجب له الخروج بها حتى يعلم خلافه وهو مقتضى ما في ستورها أنه محمول على حسن العشرة. انتهى.
ابن القاسم: ليس للعبد أن يظعن بامرأته حرة كانت أو أمة إلا أن يكون الشيء القريب الذي لا يخاف عليها فيه ضرورة، فأما الأسفار والبلدان والبعد فليس له ذلك، أرايت لو ظعن بها في أرض غربة ثم باعه سيده ممن يظعن به، كيف كانت تكون إن لم تقدر على النهوض والرجوع؟ ولا يحملها سيده معه ويمنعه من ذلك وتبقى تستطعم ولا أعلمه، إلا قول مالك. ابن رشد: قد بين وجه قوله بما لا مزيد عليه وللحر ذلك إلا أن يكون غير محسن إليها ولا مأمون عليها. قاله الحطاب.