للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع الفرائض ولم يرتبها في أنفسها فعل مستحبا وفاته مستحب كمن غسل يديه لكوعيه ثم استنشق ثم تمضمض ثم أكمل وضوءه مرتبا. والله سبحانه أعلم.

وسواك يعني أن السواك أي الاستياك من مستحبات الوضوء، ويفعل قبل المضمضة ليخرج ماؤها ما حصل به. والسواك بكسر السين المهملة يطلق على الفعل وعلى العود، وعلى أن السواك الفعل فهو مصدر ساك فمه يسوكه سوكا، فإن قلت استاك لم تذكر الفم، وجمع السواك بمعنى العود سُوُك بضمتين ككتاب وكتب، وذكر صاحب المحكم أنه يجوز سؤك بالهمز، والسواك قيل إنه مأخوذ من ساك إذا دلك، وقيل من قولهم: جاءت الإبل تتساوك؛ أي تتمايل هزالا، والسواك في اصطلاح العلماء: استعمال عود ونحوه في الأسنان لتذهب الصفرة وغيرها عنها. والله سبحانه أعلم.

والكلام في حكمه ووقته وآلته وكيفيته وحكمتة وفوائده، أما حكمه: فالمعروف في المذهب أنه مستحب. ابن عرفة: والأظهر أنه سنة لدلالة الأحاديث على مثابرته -صلى الله عليه وسلم عليه- وإظهاره والأمر به انتهى. والمثابرة بالثاء المثلثة والباء الموحدة: المواظبة، ولا شك أن الأحاديث الواردة في الأمر به والمواظبة عليه كثيرة منها، حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة (١)) متفق عليه، ومجمع على صحة إسناده رواه البخاري من طريق مالك، ومسلم من طريق سفيان بن عيينة، ورواه أيضا أبو داوود والنسائي وابن ماجه (٢) وفي الموطإ: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك (٣))، ورواه الشافعي عن مالك مرفوعا، وقوله: لأمرتهم؛ أي على جهة الوجوب دون الندب؛ إذ هو مندوب إليه وليس في الندب إليه مشقة؛ لأنه إعلام بفضيلته واستدعاء لفعله لا فيه من جزيل الثواب، وفي حديث ابن شهاب: (لولا أن يُشَق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء (٤)) وفي الإكمال: لا خلاف أنه مشروع عند الوضوء، وعند الصلاة مستحب فيهما لنصه أنه لم يأمر به، إلا ما ذكر عن داوود أنه واجب لظاهر


(١) البخاري، كتاب التمني، رقم الحديث: ٢٢٤٠. ومسلم، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٢٥٢.
(٢) أبو داود، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٤٧. النسائى، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٧. ابن ماجه، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٢٨٧.
(٣) الموطأ، ما جاء في السواك، رقم الحديث: ١٤٣. ومسند الشافعي، رقم الحديث: ٥٤.
(٤) الموطأ، ما جاء في السواك، رقم الحديث: ١٤٤.