للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبما قررت علم أن معنى قوله: "وصدقا" صدقا في دعوى القبض والتلف، وأما قوله: وحلفا فالمراد به حلفا على التلف لا على القبض؛ يعني أن المجبر والوصي إذا ادعيا تلف الصداق بعد أن أقرا بقبضه أو قامت على القبض بينة فإنهما لابد أن يحلفا على ما ادعياه من التلف ولو عرفا بالصلاح، ولا يقال فيه تحليف الولد للوالد لأنه يقال قد تعلق به حق للزوج وهو الجهاز به، ويحلف السيد على القول بلزوم التجهيز به له كما صرح به حلولو. ونقله الشيخ أحمد بابا. ورجع إن طلقها يعني أن الصداق إذا قبضه من له قبضه من مجبر أو وصي وادعى تلفه وهو مما يغاب عليه ولم تقم بينة على تلفه، فإن الزوج إذا طلق قبل البناء يرجع على الزوجة بنصف الصداق في مالها لا في مال المجبر أو الوصي، ومحل رجوع الزوج في مالها إن أيسرت يوم الدفع أي إنما يرجع الزوج في مال الزوجة حيث كانت موسرة يوم دفع الزوج الصداق للوصي أو للمجبر ولو أعسرت يوم القيام، وهي مصيبة نزلت به، وعلم من هذا أن قوله: في مالها غير لازم، بل يتبع ذمتها حيث نفد مالها بدليل قولهم: ولو أعسرت يوم القيام.

ومفهوم قوله: "إن أيسرت يوم الدفع" أنَّها إن كانت معسرة يوم الدفع لم يرجع الزوج عليها بشيء، ولو أيسرت به بعد ذلك ليلا يجتمع عليها عقوبتان: ضياع مالها مع ما حصل لها من الكسر بالطلاق واتباع ذمتها، وإنما لم يجعل قابضه هنا كالأمين في أنه لا ضمان على واحد من الزوجين إذا ادعى الأمين تلفه كما مر؛ لأن قبضه هنا بمنزلة ما لو قبضته.

وإنما يبرئه شراء جهاز يعني أن الولي الذي له قبض الصداق إذا قبضه ولم يدع تلفه، فإنه لا يبرئه من ضمانه إلَّا أن يشتري به لوليته التي في حجره جهازا يصلح لها، فإذا دفع لها العين فإنه يضمنها للزوج ليشتري له بها جهازا.

وبما قررت علم أن الحصر بالنظر لدفعه للسفيهة عينا أي لا يبرئه من ضمان الصداق في السفيهة إلَّا شراء جهاز موصوف بأحد الأمور الثلاثة الآتية: واحترز بذلك عما إذا دفعه لها عينا فإنه يضمنه للزوج فيشترى له به جهاز كما مر قريبا.

تشهد بينة بدفعه لها يعني أن من له قبض الصداق من مجبر ونحوه إذا ادعى أنه دفع المهر إلى وليته لا يبرئه ذلك؛ لأنه لا يدفع لها ذلك وإنما يبرئه أن يشتري لها به جهازا. ابن حبيب