للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسلم-: (واستاكوا عرضا وادهنوا غبا (١))؛ أي يوما بعد يوم، (واكتحلوا وترا (٢)) فالسواك عرضا أسلم للثة من التقلع، والادهان إذا كثر أفسد الشعر. نقله الحطاب. عن القرافي. وفيه عنة أيضا: والسواك وإن كان معقول المعنى فعندي ما عري عن شائبة تعبد، من جهة أن الإنسان لو استعمل الغاسولات الجلاءة عوضا من العيدان لم يأت بالسنة. انتهى. وفي الحطاب: والمستحب أن يستاك بعود متوسط لا شديد اليبس يجرح، ولا رطب لا يزيل، ويستحب أن يستاك عرضا ولا يستاك طولا ليلا يدمى لحم أسنانه، فإن خالف واستاك طولا حصل السواك مع الكراهة. انتهى. وقال في المدخل: وإذا أراد أن يستاك بسواكه غسله، إلا أن يكون عند فراغه من السواك الأول غسله، والأطيب للنفس غسله مطلقا إلا أن يكون بين ثيابه، أو بموضع تطيب به نفسه. والله أعلم. وورد في صحيح مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- (أنها سئلت بأي شيء يبدأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل بيته فقالت بالسواك (٣) قال في الإكمال: معناه تكراره لذلك ومثابرته عليه، وأنه كان لا يقتصر فيه في نهاره وليله على المرة الواحدة بل على المرار المكررة، وخص بذلك دخوله بيته، لأنه مما لا يفعله ذو المروءات بحضرة الناس، ولا يحب عمله في المسجد، ولا في المجالس الحفلة. انتهى. ورد الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد هذا المعنى بحديث أبي موسى -رضي الله عنه- قال: (أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يستاك وطرف السواك على لسانه يقول أع أع والسواك في فيه كأنه يتهوع (٤) وقال: إن بعضهم ترجم على هذا الحديث باستياك الإمام بحضرة رعيته، ورجح هذا المعنى. وأن السواك من باب العبادت والقرب فلا يطلب إخفاؤه. والله أعلم. قاله الإمام الحطاب. وقد مر عن ابن عرفة أن الأظهر أنه سنة لمثابرته عليه -صلى الله عليه وسلم-، ولإظهاره والأمر به، قال الشيخ الأمير: وهو وجيه وإن كان خلاف المشهور. انتهى. وقد مر عن القرافي أن من استعمل الغاسولات الجلاءة لم يأت بالسنة وقال ابن العربي: ظن بعض الناس أن كل سواك يصبغ اللثات والشفاه مكروه لا في ذلك من


(١) المقاصد الحسنة، الباب الثامن، رقم الحديث: ٩٨.
(٢) المغني، ج ١ ص ١٣٥.
(٣) مسلم في صحيحه، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٢٥٣.
(٤) البخاري، كتاب الوضوء، رقم الحديث: ٢٤٤. - مسلم في صحيحه، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٢٥٤.