للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى محمد صلى الله عليه وسلم قام تعظيما له، فيقول يا مالك ما حال أمتي الأشقياء؟ فيقول مالك ما أسوأ حالهم وأضيق مكانهم فيقول محمد صلى الله عليه وسلم: افتح الباب وارفع الضيق عنهم فإذا نظروا إلى محمد صلى الله عليه وسلم صاحوا بأجمعهم: يا محمد قد أحرقت النار جلودنا وأحرقت أكبادنا، فيخرجهم جميعا وقد صاروا فحما قد أكلتهم النار.

فينطلق بهم إلى نهر بباب الجنة يسمى الحيوان، فيغتسلون فيه فيخرجون منه شبابا جردا مردا مكحلين كأن وجوههم مثل القمر مكتوب على جباههم؛ هؤلاء الجهنميون عتقاء الرحمن من النار، فيدخلون الجنة فإذا رأى أهل النار أن المسلمين قد أخرجوا منها قالوا: ليتنا كنا مسلمين وكنا نخرج من النار، وهو قوله تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ}.

وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: يؤتى بالموت كأنه كبش أملح، فيقال: يا أهل الجنة هل تعرفون الموت؟ فينظرون فيعرفونه، ويقال: يا أهل النار هل تعرفون الموت؟ فينظرون فيعرفوند فيذبح بين الجنة والنار، ثم يقال: يا أهل الجنة خلودا لا موت فيها، ويا أهل النار خلودا لا موت فيها، وذلك قوله تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}. قاله السمرقندي.

اللهم نجنا من حر السعير وثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة وعند سؤال منكر ونكير. آمين يا رب العالمين.

وروى مسلم عن أنس رضي الله عنه قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار فيصبغ في النار صبغة ثم يقال: يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ويؤتى بأشد الماس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ في الجنة صبغا، فيقول: يا ابن آدم هل رأيت شدة قط هل مر بك بؤس قط؟ فيقول: لا والله ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط (١) وروى الترمذي وابن ماجه عن أنس رضي الله عنه قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيها الناس ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا فإن أهل النار يبكون في النار الدموع حتى تنقطع، ثم يبكون الدماء حتى تصير في خدودهم كأمثال الجداول، ولو أجريت


(١) صحيح مسلم، كتاب صفة القيامة، رقم الحديث، ٢٨٠٧.