خمس سنين، ولم يتعرضوا لما بينهما، والظاهر أن السنة من حيز البعيد في صيغتي البر والحنث فينجز عليه إن قيد بها في صيغة البر لا في الحنث، وينبغي أن تكون الأشهر التي لا يتخلف فيها المطر عادة كالتقييد بزمن بعيد. قاله عبد الباقي وغيره.
والدليل على أن محل التأويلين حيث قيد بزمن قريب ولم يحلف لعادة قوله:"كالحنث" فإنه جعل محل التنجيز في الحنث حيث قيد بزمن قريب ولم يحلف لعادة.
وتحصل مما مر أن قوله:"إن لم تمطر السماء" لخ على أربعة أقسام: أحدها أن يقيد بزمن قريب ولم يحلف لعادة كقوله: "إن لم تمطر السماء غدا"، أو عند رأس الشهر الفلاني ودونه شهر مثلا فينجز عليه الطلاق؛ ثانيها أن يقيد بزمن قريب لكنه حلف لعادة فينتظر، فإن وقع الأمر على ما حلف عليلا بر وإلا طلقت، ثالثها أن يقيد بزمن بعيد كخمس سنين فلا تطلق، رابعها أن يعم الزمن فلا طلاق أيضا.
وقد مر كلام ابن رشد أنه إن حلف على ما لاطريق إلى معرفته ينجز عليه، فإن غفل عنه حتى جاء الأمر على ما حلف عليه فقيل: تطلق عليه، وقيل لا تطلق عليه: وقيل: إن حلف على غالب ظنه لأمر توسمه مما يجوز له في الشرع لم تطلق عليه، وإن حلف على ما ظهر له بكهانة أو تنجيم أو على الشك أو تعمد الكذب طلق عليه، انتهى. وأنه إن قال: إن أمطرت السماء على أربعة أقسام أيضا، أحدها: أن يقيد بزمن قريب ويحلف لا لعادة هي محل التأويلين، ثانيها: أن يقيد بزمن قريب أيضا لكنه حلف لعادة فينتظر، فإن وقع الامر على ما حلف عليه لم تطلق، وإلا طلقت، ثالثها: أن يقيد بزمن بعيد فإنه ينجز عليه الطلاق، رابعها: أن لا يقيد فينجز عليه أيضا، أو بمحرم يعني: أن الزوج إذا علق الطلاق على أمر حرام فإنه ينجز عليه الطلاق لأن الشرع لا يمكنه من ذلك، ومثل لذلك بقوله: كإن لم أزن؛ أي كقوله إن لم أزن، أو إن لم أشرب الخمر، أو إن لم أقتل زيدا، أو نحو ذلك؛ فأنت طالق، أوأنت طالق لأزنين أو لأسرقن أو لأقتلن، ولا فرق بين فعله وفعل غيره، كإن لم يزن زيد على الصحيح، خلافا لابن الحاجب، إلا أن يتحقق قبل التنجيز؛ يعني: أن محل تنجيز الطلاق عليه ما لم يتحقق منه الزنى مثلا قبل أن يحكم الحاكم عليه بتنجز الطلاق، وأما إن تحقق منه الزنى مثلا قبل أن يحكم عليه بالطلاق فإنه لا شيء عليه، ولو أفتاه فقيه بوقوع الطلاق من غير حكم فاعتدت زوجته وتزوجت ثم فعل