للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يوجل إنما هو حيث لم يكن بره في إرساله عليها، وأما إن كان بره في إرساله عليها كقوله: إن لم أطأها فهي طالق فإنه لا يمنع منها ويطأها أبدا، فإن ترك وطأها فمول عند مالك والليث لا عند ابن القاسم وقول ابن القاسم هو المعتمد كما يأتي في باب الإيلاء وهل مطلقا قد مر أنه إذا نفى ولم يؤجل يمنع منها وهو لابن القاسم في المدونة وظاهره أنه يمنع منها مطلقا كان للفعل المعلق عليه وقت معلوم لا يتمكن من فعله قبله أم لا وقال غير ابن القاسم في المدونة: يفصل في ذلك فإن كان ليس له زمن معين يقع فيه عادة منع منها من وقت حلفه، وإن كان له زمن معين لا يقع قبله عادة فلا يمنع منها إلا إذا جاء وقته، واختلف الشيوخ في قول غير ابن القاسم هل هو خلاف لقول ابن القاسم وإلى ذلك أشار بقوله: "هل مطلقا" أي وهل يمنع منها مطلقا أي سواء كان للمعلق عليه وقت معين لا يتمكن من فعله قبله أم لا أو وفاق له فيقيد به وإلى ذلك أشار بقوله: أو يمنع منها إلا في ما إذا كان للمعلق عليه وقت معلوم لا يتمكن من فعله قبله كقوله: أنت طالق إن لم أحج أو أنت طالق إن لم أسافر والحال أن الوقت الذي حلف فيه لا يتمكن فيه من فعل الحج أو السفر الذي علق عليه الطلاق لكونه ليس وقت سفر فلا يمكنه فعل ما حلف عليه من سفر أو حج، في ذلك تأويلان تأويل الخلاف وهو الأول وتأويل التوفيق وهو الثاني، واستظهر ابن عبد السلام تأويل التوفيق قائلا: إن الأيمان إنما تحمل على المقاصد ولا يقصد أحد الحج في غير وقته المعتاد، وكذا إن حلف على فعل شيء [أو الخروج] (١) لبلد ولا يمكنه حينئذ لم يكن على حنث حتى يمكنه، وكذا إن لم يكن لخروجه وقت ومنعه فساد طريق أو علو كراء فهو عذر وكذا لو حلف ليكلمن فلانا الغائب فلا يوقف حتى يقدم، ولو طالت غيبته، فإن مات فيها فلا شيء عليه؛ ولو حضر وطال مقامه بما يمكنه الفعل فلم يفعل حتى مات فلان حنث. قاله ابن عرفة، كما في نسخة معتمدة منه، وهو ظاهر. وما وقع في التتائي من قوله: حتى مات فلان فلا حنث؛ ذكر جميعه ابن عرفة، سبق قلم: قاله الشبراخيتي. وفي بعض النسخ: كإن لم أحج في هذا العام، والصواب إسقاطها؛ لأنه إذا عين العام لا خلاف أنه لا يمنع منها إلا إذا جاء وقت خروجه فيمنع منها حتى يحج، فإن لم يخرج له وقع عليه الطلاق لأنه إذا أجل يكون على بر إلى ذلك الأجل فإن مضى الأجل ولم يفعل وقع الحنث، وأجاب الشيخ عبد الباقي بأن قوله: في هذا


(١) في الأصل: والخروج، والمثبت من الشبراخيتي، مخطوط بدار الرضوان.