للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حنث فيهما بطلاق البتات، ففي ذلك ثلاثة أقوال أحدها: أن القول قوله مع يمينه يحلف ويبرأ من الحنث، بمنزلة الذي يحلف على ضرب امرأته أو أمته وإن أنكر صاحب الحق القبض حلف وأخذ حقه، وهو قول مالك في رواية زياد عنه، والثاني: أنه لا يصدق في القضاء ولا يمكن من اليمين ويبرأ من الحنث بما يبرأ من الدين من إقرار صاحب الحق بقبضه، أو شاهد ويمين، أو شاهد وامرأتين، وقد قيل: إنه يبرأ أيضا بإقرار صاحب الحق إذا كان مأمونا لا يتهم أن يوطئ حرامات وهو قول أشهب وابن عبد الحكم في الواضحة، قال ابن نافع في المبسوطة: مع يمينه، وزاد ابن القاسم إذا كان من أهل الصدق وممن لا يتهم وهذا كله إذا كانت على أصل اليمين بينة إلا أن الزوج أقر باليمين لما روفع فيها وطلب بها، فيتخرج في ذلك قولان، أحدهما: أن إقراره على نفسه باليمين كقيام البينة بها عليه، مسألة: وسئل ابن القاسم عمن نزلت به يمين في امرأته؟ فأفتي بأن قد بانت، فقال لها وللناس: قد بانت، ثم علم أنه لا شيء عليه، فقال: لا ينفعه وأراها قد بانت إذا قال ذلك، قال ابن رشد: هذا قول أشهب أيضا، وحكى ابن حبيب عن مالك: لا شيء عليه، وقال سحنون: إن قال ذلك على وجه الخبر فلا شيء عليه، وإن قال ذلك يريد الطلاق طلقت عليه، والذي أقول به في هذا إن كان الذي أفتى به خطئا مخالفا للإجماع لا وجه له في الاجتهاد فلا شيء عليه، وإن كان قول قائل وله وجه في الاجتهاد ومفتيه به من أهل الاجتهاد فالطلاق له لازم، فينبغي أن يرد الاختلاف المذكور في المسألة إلى هذا، وهذا كله إذا أتى مستفتيا، وأما إن حضرته البينة بقوله: قد بانت ثم ادعى أنه إنما قال ذلك لأنه أفتِيَ به فلا يصدق في ذلك، ويؤخذ بما ظهر من إقراره إلا أن تشهد بينة أنه أفتى بذلك، فيصدق في أنه قال ذلك كذلك مع يمينه. انتهى. واعلم أنه إن قال اللفظ المذكور وما أشبهه يريد به الطلاق فلا إشكال في لزوم الطلاق، كما قال سحنون، وأما إن أراد الإخبار عما أفتي به فكما قال ابن رشد إن كان ما أفتي به مخالفا للإجماع لا وجه له في الاجتهاد فلا شيء عليه، وإن كان قول قائل وله وجه في الاجتهاد فالطلاق له لازم وبقي قسم وهو مفهوم من قول ابن رشد: ومفتيه من أهل الاجتهاد، وهو ما إذا كان مفتيه ليس من أهل الاجتهاد والترجيح، وأفتاه بالقول المرجوح جهلا فهذا لا يلزمه شيء وهو مفهوم كلام ابن رشد، ولا تمكنه زوجته إن سمعت إقراره