قالت: لست حائضا أرى أن لا يصدقها ولا يقبل منها ولا ينتفع بذلك وليخل سبيلها؛ لأن ذلك شك لا يدري ما عليه منها أصادقة هي أم كاذبة، فلا يقيم على الشك إلا أن ينكشف له ذلك بأسباب يقع بها على يقين. انتهى. واعلم أن المتبادر من قولهم في الدولابية: إنها لا تحل له ولا سبيل له إليها، الجبر على الفراق، مع أنه من باب الطلاق بالشك؛ قال عياض: وهذا كله أصل متلف فيه في الإجبار في الطلاق المشكوك فيه؛ وفيها ما يدل لهما يعني أن في المدونة ما يدل للتأولين المذكورين، يشير بذلك إلى قوله فيها: وإن قال لها: إن كنت تبغضيني فأنت طالق، فقالت: لا أبغضك فلا يجبر على فراقها ولكن يؤمر به، وإن قال: إن كنت تحبين فراقي فأنت طالق، فقالت: أحبك، ثم قالت: كنت كاذبة فارقها ولا يقيم عليها، فكلامه أولا يقتضي عدم الجبر فيما إذا أجابت بما لا يقتضي الحنث، وكلاهه ثانيا محتمل. انتهى. قاله الشارح. قال مقيد هذا الشرح عفا الله عنه: أي وكلامه أولا يقتضي بمفهومه الجبر، والله سبحانه أعلم. وقوله: إن كنت تحبيني لخ، قد مر أن من هذه المسألة ما إذا قال لها: إن كنت دخلت الدار فأنت طالق، فقالت: دخلت وحينئذ فإن صدقها في جوابها بما يقتضي الحنث جبر على الفراق في المثال الذي ذكره المص، وفي هذا المثال الذي ذكرته وإن كذبها جرى التأويلان في المثالين. انظر حاشية الشيخ بناني. فإنه رد على عبد الباقي والله سبحانه أعلم. وبالأيمان المشكوك فيها معطوف على قوله بالفراق بحذف مضاف؛ أي: وأمر بالفراق في كذا وبإنفاذ الأيمان المشكوك في عينها؛ يعني أن من تحقق أنه حلف وحنث ولم يدر بم حلف هل بطلاق أو عتق أو مشي أو صدقة ونحو ذلك، يطلق نساءه ويعتق رقيقه ويتصدق بثلث ماله ويمشي إلى مكة ويؤمر بذلك كله من غير قضاء؛ ابن ناجي: فهم شيخنا أبو مهدي قولها: يومر على اللزوم وجوبا، وإنما أراد نفي الجبر؛ وفهم شيخنا حفظه الله قولها على الاستحباب، والصواب هو الأول لقرينة قولها: من غير قضاء؛ انتهى. وهذا يجري في قوله: وأمر بالفراق في إن كنت تحبيني؛ وقول المدونة فليطلق نساءه لخ. قال ابن محرز: لم يذكر كم يطلق زوجته ولا كم يمشي إلى مكة وإن كان الشك لا يتناول عددا قائما يلزمه طلقة واحدة، والمشي مرة واحدة وإنما قال يتصدق بثلث ماله؛ لأنه شك هل حلف بصدقة جميع ماله، ولو شك هل حلف بصدقة أم لا فليخرج أقل ما يصدق عليه الاسم