للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غير جبر، وهو المشهور عند ابن أبي زيد، والمعروف عند اللخمي، وبه قال ابن القاسم ومطرف وعبد الملك، في ذلك تأويلان على المدونة لابن أبي زيد وأبي عمران كما مر، ومفهوم قوله: وهو سالم الخاطر أنه لو لم يكن سالم الخاطر بأن كان موسوسا؛ أي مستنكحا له الشك، أنه لا يؤمر ولا يلزمه شيء وهو كذلك، سمع عيسى في رجل توسوسه نفسه، فيقول: قد طلقت امرأتي أو يتكلم بالطلاق وهو لا يريده أو يشككه؟ فقال: يضرب عن ذلك ويقول للخبيث صدقت ولا شيء عليه، ابن رشد: هذا مثل ما في المدونة أن الموسوس لا يلزمه طلاق وهو مما لا خلاف فيه لأن ذلك إنما هو من الشيطان، فينبغي أن يلهى عنه ولا يلتفت إليه، كالمستنكح في الوضوء والصلاة فإنه إذا فعل ذلك أيس منه الشيطان، فكان ذلك سببا لانقطاعه، وفي التهذيب: من لم يدر أحلف بطلاق أو غيره أمر من غير قضاء، وكذلك إن حلف بطلاق ثم لم يدر أحنث أم لا أمر بالفراق، وإن كان هذا وسوسته فلا شيء عليه. وقال عز الدين: الوسوسة ليست من نفس الإنسان وإنما هي صادرة من فعل الشيطان ولا إثم على الإنسان فيها؛ لأنها ليست من كسبه وصنعته، ويتوهم الإنسان أنها من نفسه لما كان الشيطان يحدث بها قلبه ولا يلقيها إلى السمع، فيوهم الإنسان أنها صادرة منه فيتحرج لذلك ويكرهه. وفي لطائف المنى وكان الشيخ أبو العباس يلقن من به وسواس سبحان الملك الخلاق {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٦) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ}. وقال الشيخ محمد بن الحسن: ومن كان شكه بغير سبب أصلا قالظاهر أنه ذو وسوسة. وسئل الحطاب عمن جزم أنه طلق بكلامه النفسي وشك هل تلفظ بذلك أم لا؟ فأجاب بأنه على القول بلزوم الطلاق بالكلام النفسي وهو أحد المشهورين لاشك في لزوم الطلاق له، وعلى المشهور الآخر فالظاهر أنه بمنزلة من شك هل طلق أم لا، والمشهور أنه لا يلزمه شيء. انتهى. وقوله: ولا يؤمر إن شك هل طلق أم لا، قال الشارح: هكذا في البيان عن أصبغ، وعن ابن القاسم أنه يؤمر. انتهى.

تنبيهات: الأول: قال ابن رشد: الشك في الطلاق ينقسم على خمسة أقسام، قسم منها يتفق على أنه لا يؤمر ولا يجبر، وذلك مثل أن يحلف الرجل أن لا يفعل فعلا، ثم يقول: لعله قد فعل من غير سبب يوجب عليه الشك في ذلك، وقسم منه يتفق على أنه يؤمر ولا يجبر، وذلك مثل أن