للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسألة إذا أقر على نفسه بالطلاق فادعت عليه الزوجة من عدد الطلاق أكثر مما أقر به يجب عليه أن يحلف، بخلاف ما إذا ادعت عليه أنه طلق وأنكره وتغلظ عليه اليمين بالحلف على المنبر في الطلاق، وهي أحرى من المال؛ لأن حرمة الفرج أكثر من حرمة المال نقله الحطاب.

مسألة أخرى، اعلم أن شهادة السيد على عبده بطلاق زوجته لا تجوز كما قاله في المدونة. قاله الحطاب وإن حلف صانع طعام على غيره لابد أن تدخل يعنى أن من صنع طعاما مثلا ودعا الناس إلى الدخول وحلف بطلاق أو غيره على شخص معين لتدخلن مع الناس، فحلف الآخر الذي هو المحلوف عليه لتدخلن، لا دخلت حُنِّث الأول. وهو صانع الطعام أي قضى الشرع بتحنيثه، وقوله: حنث بضم الحاء وتشديد النون المكسورة ونائبه الأول، وسواء حلف المدعو قبل حلف صاحب الطعام أو بعده، فلو عبر بالواو بدل الفاء لكان أشمل، وإنما قضي بتحنيث الأول لأنه حلف على ما لا يملكه، بخلاف الآخر فإنه حلف على أمر يملكه، فإن طاوعه الآخر وحنث نفسه فلا حنث على الأول، هذا هو الصواب، خلاف ما قرر به الشارح من أن الأول يحنث ولو دخل الثاني؛ واستظهره التتائي في كبيره. قال الرماصي: ونصوص المذهب مصرحة بخلافه ومطبقة على عدم الحنث عند الفعل حتى كاد يكون من المعلوم بالضرورة. انتهى. ولو أكره المدعو على الدخول لم يحنث واحد منهما فيبر الصانع لوجود الدخول ولا يحنث الدعو لوجود الإكراه في صيغة بر، إلا أن تكون يمينه لا دخله طائعا ولا مكرها فيحنث بالإكراه كما مر قاله عبد الباقي.

تنبيهات: الأول: قال في رسم سلعة سماها من سماع ابن القاسم من كتاب الأيمان والنذور في رجل حلف أن لا ينفق على امرأته حقى تستأذن عليه يعني ترفعه للقاضي، وقال: أنت حرام إن أنفقت عليك حتى تستأذني علي، وقالت هي: مالي صدقة إن استأذنت عليك؛ قال مالك: اليمين عليهما، فإن شاءت أن تقيم وتنفق على نفسها فعلت فإن استأذنت فلتخرج ثلث مالها فتتصدق به، قيل له: فإذا استأذنت فهل على زوجها بأس إن أنفق عليها أكثر من قوتها؟. قال: لا بأس بذلك إلا أن يكون نوى بذلك حين حلف أن لا ينفق عليها أكثر من قوتها، فإن لم تكن له نية فلا [أرى] (١) ذلك عليه إذا استأذنت عليه. قال ابن رشد: وهذا كما قال؛ لأنه إنما حلف


(١) في الأصل أدري والمثبت من البيان ج ٣ ص ١٠٤ والحطاب ج ٤ ص ٥٧٥ ط دار رضوان.