الخامس: قال في المدونة: ومن قال لرجل: امرأته طالق لقد قلت لي كذا وكذا، وقال آخر: امرأته طالق إن كنت قلته، فَلْيدَيَّنَا ويتركا إن ادعيا يقينا قال ابن ناجي: ما ذكره هو المعروف؛ ونقل ابن التلمساني عن مالك أن كلا منهما حانث لأن في نفس الأمر واحد منهما حانث ويتوهم معارضتها بما إذا اختلطت ميتة مع مذكاة فإنهما يحرمان، فكان المناسب على هذا طلاقهما وأجاب بعض المشارقة بتعيين المحكوم عليه في الذكاة، ولذلك لو تعدد مالك الشاتين وكل منهما يدعي ذكاة شاته لكان لكل منهما أكل شاته، وفي كتاب العتق الأول في العبد بين شريكين، فقال أحدهما: هو حر إن دخل المسجد وقال الآخر: هو حر إن لم يدخله، فَليدَيَّنا ويتركا إن ادعيا يقينا، فإن شكا عتق عليهما؛ قال ابن القاسم: بغير قضاء، وقال غيره: بل بالقضاء، الغربي ويجري القولان هنا. انتهى.
السادس: من حلف على رجل ليأكلن، يبر بثلاث لقم؛ وقيل: إن كان أول الطعام لا يبر بالثلاث وإن كان في آخره أَبرَأَتْه. قاله الحطاب. وإذا حلف لغريمه بالطلاق على حقه لابد أن يأخذد فعثر له على قدر حقه فأخذه بر في يمينه إن لم يؤتمن عليه. انتهى نقله الحطاب. وإذا حلف لابنه لا يكلمه حتى يطلق زوجته، يبر بطلقة واحدة لكن لا يكلمه حتى تنقضي عدتها. البرزلي: ظاهر المذهب أن مطلق الطلاق كاف وإن ارتجعها لأن المقصود وقوع ثلم في العصمة، وقد حصل. انتهى قاله الحطاب.
وإن قال: إن كلمت إن دخلت لم تطلق لم تطلق إلا بهما يعني أن الزوج إذا علق الطلاق على مجموع أمرين، كما إذا قال لزوجته: أنت طالق إن كلمت زيدا إن دخلت الدار، فإنها لا تطلق إلا بحصول الأمرين جميعا من الدخول والتكلم. فعلتهما على الترتيب أو لا، خلافا للشافعي القائل: إن الحنث إنما يكون إذا فعلتهما على عكس الترتيب لأنه علق الأول على الأخير، فإذا فعل الأول قبل الأخير فلغو، والإنصاف احتمال العكس فاحتيط، ولم يجعلوه مثل إن دخلت الدارين يحنث بإحداهما لتعدد التعليق، وإذا قال لها: إن دخلت الدار فأنت طالق إن كانت لزيد فلا تطلق إلا بهما معا، كما في المسألة المسابقة، ولا تطلق بأحدهما، وقوله: وإن قال: إن كلمت إن دخلت، هذه المسألة هي مسألة تعليق التعليق، واعلم أن مذهب الشافعي مبني على أن استقبال الفعل الأول باعتبار زمن الثاني لتوقفه عليه، ومذهبنا مبني على أن استقبال كل من الفعلين