ووجوب الرجوع إلى اللغة ويكون كناية محضة كما قاله الأئمة لتغير العرف حتى لم يصر أحد يستعمل هذا اللفظ إلا في غاية الندور، والقاعدة أن اللفظ متى كان الحكم فيه مضافا لنقل عادي بطل ذلك الحكم عند بطلان العادة وتغيره إلى حكم آخر إن شهد له عادة أخرى، هذا هو الفقه المتجه. ابن الشاط: ما قاله من أن مالكا رضي الله عنه إنما بنى على عرف زمانه هو الظاهر وما قاله من لزوم تغير الفتوى عند تغير العرف صحيح انتهى إن فوضه لها توكيلا فله العزل التفويض هو رد الأمر إلى الغير، يقال: فوض الأمر إليه إذا رده إليه؛ يعني أن الزوج إذا فوض أمر عصمته إلى زوجته نظر إلى ذلك فإن كان تفويضه ذلك إليها على جهة الوكالة فإن له أن يعزلها عن ذلك، أي: له أن يبطل ما بيدها قبل أن تطلق نفسها لا بعد ذلك؛ لأنها نائبة عنه.
وعلم مما قررت أن المفوض إلى المرأة هو الطلاق، فالضمير المستتر في فوضه يعود على الزوج، والمراد به هنا الزوج المسلم المكلف ولو سكر حراما، وهل إلا أن لا يميز؟ إلى آخر ما مر؛ والضمير الظاهر عائد على الطلاق. وقوله: توكيلا، قال محمد بن الحسن: الصواب إعرابه مفعولا مطلقا أو حالا على تقدير مضاف فيهما؛ أي تفويض توكيل أو ذا توكيل. والله تعالى أعلم. إلا لتعلق حق يعني أن محل كون الزوج له أن يعزل الزوجة حيث وكلها إنما هو حيث لم يتعلق لها حق بذلك، وأما إن تعلق لها بالتوكيل حق فليس له عزلها، كما إذا قال لها عند العقد: إن تزوجت عليك فأمرك بيدك توكيلات أو أمر الداخلة عليك بيدك توكيلا؛ لأنها تعلق لها بذلك حق وهو رفع الضرر عنها. لا تخييرا عطف على قوله: توكيلا؛ يعني: أن الزوج إذا فوض أمر عصمته إلى زوجته على جهة التخيير فإنه لا يجوز له عزلها ولا يصح؛ وقوله: لا تخييرا، صيغة التخيير نحو: اختاريني، أو اختاري نفسك، أو طلقي ثلاثا، أو اختاري أمرك انتهى. قاله الحطاب. أو تمليك يعني أن الزوج إذا فوض لزوجته طلاقها على جهة التمليك فإنه ليس له عزلها ولا يصح، وصيغة التمليك نحو: أمرك بيدك، وملكتك أمرك، وطلقي نفسك: وأنت طالق إن شئت، أو كلما شئت، وطارقك بيدك، ووليتك أمرك، والاستثناء هنا أي في التوكيل والتخيير والتمليك كما في الشبراخيتي. بإن شاء الله ونحوها كالطلاق لغو، والهزل هنا كالهزل في الطلاق سواء، وأما ما في ابن عرفة: سمع القرينان من قال لامرأته: وليتك أمرك إن شاء الله، فقالت: فارقتك، لزمه فراقها، فإن أرادا بقولهما اللعب لا الطلاق حلفا ولا شيء عليهما، فمقابل للمشهور كما قاله