للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن قال اختاري اليوم كله، فمضى اليوم ولم تختر فلا خيار لها، والموضوع هنا أنها لم توقف، ولو وقفت ولم يسقط الحاكم ما بيدها لكان الحكم كذلك، والمراد باليوم القطعة من الزمن يوما أو أقل أو أكثر، على حد قوله تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}، ولا مفهوم لقوله: تخييرها، وإذا حصل بها جنون أو إغماء زمن التفويض إليها فهل للحاكم النظر أم لا؟ وإذا خيرها وملكها ثم أبانها ثم تزوجها سقط خيارها لأن مضمون التزويج الرضى بالإصابة، وإلى هذا أشار بقوله وردها بعت بينونتها يعني أنه إذا أبانها كما لو خالعها والحال أن البينونة حصلت بعد أن فوض إليها ثم ردها لعصمته فإنه يسقط ما بيدها لتضمن التزويج للرضى بالإصابة، ولو راجعها بعد طلاقها الرجعي لم يسقط ما بيدها، وقوله: وردها بعد بينونتها، محله ما لم يعلق بأداة تقتضي التكرار، ككلما تزوجتك فأمرك بيدك وإلا فلا. والله سبحانه أعلم. وهل نقل قماشها ونحوه طلاق يعني أن المتأخرين اختلفوا فيما إذا نقلت المفوض إليها قماشها ونحو ذلك من خروجها من منزلها واستتارها عنه وتخمير وجهها والبعد عنه: هل يكون ذلك طلاقا؟ أي اختلفوا هل يكون ذلك دليلا على إرادة الطلاق، وعليه اقتصر ابن شأس. وقاله مالك أو لا يكون ما ذكر دليلا على إرادة الطلاق، حتى تريد به الطلاق، واقتصر عليه في المقدمات، وقاله مالك، وبه قال ابن وهب، ومحمد، وقوله: تردد مبتدأ حذف خبره أي في ذلك تردد، وقوله: ونحوه، بالرفع أي نحو نقل القماش، ومحل التردد حيث لم ترد به الطلاق فإن نوته به لزم اتفاقا، ومحله أيضا حيث لم تجر العادة بنقله عند إرادة الطلاق وإلا كان طلاقا قطعا. قاله عبد الباقي. وعلى أنه طلاق قطعا فهو ثلاث في التخيير وواحدة في التمليك، والظاهر رجحان القول الثاني من التردد لأنه اقتصر عليه ابن رشد في المقدمات، وبه قال ابن وهب ومحمد وهو لمالك كما مر، وقال الشيخ الأمير: والظاهر أن نقل قماشها وتغطية وجهها ليس طلاقا إلا لنية أو عرف. انتهى. قوله: وهل نقل قماشها، نقل بعضه كنقل كله، وفي المتيطية: فإذا لفظ بالتمليك فلا تخلوا الملكة من أن تجيبه بالطلاق بواحدة، أو البتات، أو بلفظ يدل عليه، أو بجواب يحتمل أن [يريد] (١) به بعض الطلاق، أو كله، أو شيئا غيره، أو تسكت عنه، فأما إجابتها بصريح الطلاق الثلاث، أو بلفظ يدل عليه، مثل أن تقول: قبلت نفسي، أو اخترتها. أو أبنتها أو حرمتها، فينفذ عليه إن سكت أو أنكره


(١) في الحطاب ج ٤ ص ٤٧٩ دار الرضوان تريد.