قول الإمام مخالفا لقول ابن القاسم، وإلى حملها على ظاهرها ذهب عبد الحق في النكت أو ما في المدونة محمول على أنها لا تكون رجعة الآن وتكون رجعة غدا؛ لأنه حق له فكان له تنجيزه وتعليقه، وإليه ذهب ابن محرز، وعلى هذا يكون ما لابن القاسم موافقا لما للإمام، والله سبحانه أعلم. وقوله: تأويلان مبتدأ وخبره قوله: في إبطالها لخ، وعلى أنها لا تكون رجعة الآن وتكون رجعة غدا تبطل الرجعة إذا انقضت العدة قبل مجيء غد بوضع، وكذا تبطل لو كان الأجل أبعد من غد وتمت بوضع أو حيض أو تم زمنها إن كانت بالأشهر، ويأتي على التأويلين أنه إذا وطئ وهو يرى أن رجعته صحيحة كان وطؤه رجعة لأنه فعل قارنه نية، وحينئذ فله وطؤها والاستمتاع بها على التأويل الثاني حيث كان يرى أن رجعته صحيحة.
تنبيه: التعليق على الفعل المستقبل كالتعليق على الزمن المستقبل، فإذا قال لمطلقته: إن دخلت الدار فقد ارتجعتك جرى فيها التأويلان، قاله عبد الباقي وبناني. ولا إن قال من يغيب إن دخلت فقد ارتجعتها يعني أن من علق طلاق زوجته على دخولها لدار مثلا وأراد أن يغيب وخاف أن تحنثه في غيبته، فقال: إن دخلت أي هذه المرأة الدار فقد ارتجعتها فإن هذه الرجعة لا تصح لأن الرجعة لابد لها من نية تحدث بعد الطلاق، لقوله تعالى:{لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} والفرق بين صحة الطلاق قبل النكاح في إن تزوجت فلانة فهي طالق، وبين عدم صحة الرجعة قبل الطلاق، أن الطلاق حق على الرجل والرجعة حق له، فالحق الذي عليه يلزمه بالتزامه والحق الذي له ليس له أخذه قبل أن يجب، ولو أشهد به إنما اختلف في إسقاطه قبل وجوبه، وما قررت به المصنف هو المتعين. والله سبحانه أعلم. كاختيار الأمة نفسها أو زوجها بتقدير عتقها تشبيه في البطلان يعني أن الأمة التي تحت عبد إذا قالت إن عتقت فقد اخترت زوجي فإن ذلك لا يلزمها، فإن عتقت فلها أن تفارقه، وكذا لو قالت إن عتقت فقد اخترت نفسي، فلها أن تبقى تحته إذا عتقت، فالحاصل أن قولها ذلك لغو، ولو أشهدت بذلك، ولها ضد ما كانت اختارته في التعليق؛ لأن ذلك لم يجب لها، ولأنه خلاف عمل الماضين بخلاف ذات الشرط تقول: إن فعله زوجي فقد فارقته يعني أن الزوجة ولو أمة إذا شرط لها زوجها شرطا يلزم كما إذا قال لها: إن تزوجت عليك أو إن تسريت عليك فأمرك بيدك أو نحو