للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لزوم الكفارة فيرجع لشدة المال فيبطل أن الاستثناء مجرد لفظ لا كلفة فيه. انتهى. قوله: في الفرق الأول نظر لأنه لخ، في نظره نظر إذ لا يلزم من عدم تصديقها له في الحل لزوم الكفارة لأن له حل اليمين بالوطء ولا كفارة عليه فيما بينه وبين الله سبحانه. تأمله. قاله بناني.

وذكر المصنف الجواب عن الإشكال الأول لتصريحه به، ولما لم يصرح بالثاني لم يشر لرفعه، والظاهر في الجواب عنه أي الإشكال الثاني أنه موكول في ذلك إلى أمانته فلا تلزمه الكفارة، كما أنا لا نلزمه فيما استثنى فيه من اليمين بالله وصفته أن يخرج عنه الكفارة بل يصدق في ذلك أو يوكل إلى أمانته. فائدة: قال القرافي في أوائل فروقه: سمعت بعض الفضلاء يقول: فرقت العرب بين فرق بالتخفيف وفرق بالتشديد فالأول في المعاني والثاني في الأجسام، ووجه المناسبة فيه أن كثرة الحروف عند العرب تقتضي كثرة المعنى أو زيادته أو قوته، والمعاني لطيفة والأجسام كثيفة فناسبها التشديد وناسب المعاني التخفيف، مع أنه قد وقع في كتاب الله تعالى خلاف ذلك قال تعالى: {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ} وهو جسم وقال تعالى: {فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} وجاء على القاعدة: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} وقوله تعالى: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} و {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ}، ولا يكاد يسمع من الفقهاء إلا قولهم: ما الفارق بين المسألتين، ولا يقال: ما المفرق بينهما بالتشديد ومقتضى هذه القاعدة أن يقول السائل: افرق لي بين المسألتين ولا يقول: فرق لي ولا بأي شيء يفرق، ومع أن كثيرا يقولونه بالأفعال دون اسم الفاعل. انتهى.

قلت: قد يجاب عما جاء على خلاف ما ذكر بأن البحر لما كان جسما لطيفا لأن الماء شفاف لا يحجب ما وراءه يتلون بلون إنائه ناسب فيه التخفيف، وكذا التفريق بينهم وبين القوم الفسقين لا بالذات، والفسق معنى من المعاني كالتقوى والإيمان يتحلى بهما الشخص وذاته كذات المتصف بضدهما متحدة بالنوع بدليل: {قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} قاله عبد الباقي. قال الشبراخيتي: ولما كان الظهار مشبها بالإيلاء في أن كلا منهما يمين يمنع الوطء ويدفع ذلك الكفارة وكانا طلاقا في صدر الإسلام، وإن تفارقا في بعض الأحكام أعقبه به فقال: