يدعي التغليب في الآية، قلت: التغليب خلاف الأصل فلا يكون حجة إلا بقرينة عليه كالحديث، ولا قرينة في الآية، قاله بناني. وقوله: بظهر محرم، أراد به التحريم الأصلي مؤبدا، أو غير مؤبد فيشمل المحرم بفتح الميم والأجنبية والملاعنة والمدخول بها في العدة والدابة، فإذا قال لزوجته: أنت علي كظهر أمتي المبعضة أو المكاتبة أو المعتقة لأجل أو المشتركة أو المتزوجة فإنه يلزمه الظهار، وكذا لو قال: هي علي كظهر الدابة لزمه الظهار على قول ابن القاسم لا على قول مطرف؛ ولو حذف لفظ ظهر لدخوله في قوله: أو جزئه، لكان أحسن؛ إذ يوهم أن الخالي من ظهر ليس بظهار وليس كذلك، فكان على المص أن يقول: بمحرم أو جزئه، ومشهور المذهب أن الظهار يلزم بدواعي الوطء فإذا قال: مضاجعتك أو ملامستك أو قبلتك علي كظهر أمي لزمه الظهار، وقد اشتمل كلام المص على أوجه الظهار الأربعة، وهي: تشبيه جملة بجملة، وبعض ببعض، وبعض بجملة، وجملة ببعض، وهي كلها في الحكم سواء، إلا أن يكون البعض الذي شبه من زوجته أو شبه به زوجته مما ينفصل عنها أو عن الشبه بها من ذوات المحارم، كالكلام أو المشعر: فيجري ذلك على الاختلاف فيمن طلق ذلك من زوجته.
تنبيهات: الأول: سئل ابن عبد السلام عمن قال لرجل: أنت علي حرام كأمي وأختي وزوجتي؟ فقال: لا أعرف فيها نصا والظاهر عندي لزوم التحريم فيها لاحتمال عطفها على المبتدإ الذي هو أنت ويحتمل عطفها على المجرور بالكاف، لكن على الأول يلزم الظهار لا الطلاق، وعلى الثاني الطلاق، ويكون من عكس التشبيه، ولعل الأقرب تحليف القائل بأنه ما نوى الطلاق ويكلف يحكم الظهار. انتهى. نقله الحطاب. الثاني: قال ابن عبد السلام هنا: لابد من أداة التشبيه كلفظة مثل أو الكاف، وأما لو حذفها فقال: أنت أمي لكان خارجا عن الظهار ويرجع إلى الكناية في الطلاق، وإن كان محمد نص في هذه اللفظة على أنه مظاهر. انتهى. وسلمه الحطاب. وهو غير مسلم إذ قد نص ابن يونس وغيره على أن أنت أمي ظهار، ونصه: قال سحنون في العتبية: إن قال: أنت أمي في يمين أو غير يمين فهو مظاهر؛ محمد: إلا أن ينوي به الطلاق فيكون البتات ولا ينفعه إن نوى واحدة. انتهى. وقد نقل الحطاب عند قول المؤلف في الكناية: أو أنت أمي، أن ابن القاسم في سماع عيسى يقول: إن أراد به الطلاق فطلاق وإلا فظهار، وأن الرجراجي ذكر في المسألة قولين، أحدهما: رواية عيسى هذه والثانية رواية أشهب أنه الطلاق