ريحه فيحرم، وكذا تغير لونه يسيرا بغير صفرة أو حمرة. قاله عبد الباقي. وقال الشبراخيتي: ولا كماء أصفر أو غيره مما ليس بلبن، وهو محترز قوله لبن. انتهى. وبهيمة محترز قوله: امرأة، يعني أن لبن البهيمة لا ينشر الحرمة، فإذا ارتضع صبي وصبية لبن بهيمة فإنهما لا يكونان أخوي رضاع. وقد مر قول ابن عبد السلام: وكون المرضعة يشترط فيها أن تكون آدمية لا يعلم فيه خلاف. انتهى.
واكتحال به محترز قوله: بوجور أو سعوط؛ يعني أن اكتحال المولود بلبن الآدمية لا ينشر الحرمة، ومثل الاكتحال ما يشبهه مما لا يتأتى منه أن يفتق الأمعاء كالأذن ومسام الرأس ولو تحقق وصوله للجوف، وهذا داخل في كلام المص بالكاف المقدرة. وقوله: واكتحال به، رد به على ابن الماجشون القائل: إذا كحل الصبي بكحل خلط بلبن امرأة، فإن كان من الكحل الذي يصنع بالعقاقير التي تخرق إلى جوف الرضيع، مثل الصبر والحبة السوداء، وشبه ذلك مما يجري في عروق الصبي حتى يصل إلى الحلق فإنه يحرم؛ لأنه يصل إلى الجوف، وإن كان مما يبقى في العين ولا يصل إلى الجوف كالإثمد وشبهه فلا يحرم، واستضعفه بعض الشيوخ ورأى أن ما يدخل من المعين لا يحرم بوجه.
وقوله: محرم، اسم فاعل خبر حصول؛ أي ناشر للحرمة وذكر شرط التحريم بقوله: إن حصل في الحولين؛ يعني أنه يشترط في تحريم لبن المرأة أن يحصل في جوف الرضيع في الحولين، ويحسبان من يوم الولادة، أو لم يحصل في الحولين لكن حصل فيما قاربهما، بأن حصل بزيادة شهرين على الحولين؛ لأن ما قارب الشيء يعطى حكمه، وأما ما حصل من الرضاع بعد الحولين والشهرين فلا يحرم، أستغنى المولود أم لا، وما مشى عليه المص في زيادة الشهرين هو المشهور؛ وقيل: يعتبر الحولان من غير زيادة. وروي عن مالك. وقيل: المعتبر بعد الحولين أيام يسيرة، رواه ابن عبد الحكم عن مالك. وقيل: شهر، رواه عبد الملك عن مالك. وقيل: المعتبر ثلاثة أشهر. وقال زفر: ما دام يجتزئ باللبن ولم يطعم فهو رضاع وإن أتى عليه ثلاث سنين.
إلا أن يستغني يعني أن محل نشر الحرمة بالرضاع في الحولين والشهرين بعدهما إنما هو حيث لم يستغن المولود عن لبن المرأة، وأما إن استغنى عن لبن المرأة فإن لبنها حينئذ لا ينشر الحرمة، وقوله: إلا أن يستغني، اعلم أن محله حيث فصل، وأما لو استمر يرضع فإنه يحرم لمدة الرضاع