للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فقال لها عقبة: ما أعلم أنك أرضعتني ولا أخبرتني فأرسل إلى [آل] (١) أبي إهاب فسألهم، فقالوا: ما علمناها أرضعت صاحبتنا، فركب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة فسأله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كيف وقد قيل؟ وحكم بفراقهما ونكحت زوجا غيره (٢)) وفي طريق آخر (قلت إنها كاذبة، قال: وكيف بها وقد زعمت أنها أرضعتكما؟ دعها عنك (٣)).

وندب التنزه مطلقا؛ يعني أنه إذا شهد بالرضاع شهادة لا توجب الفراق فإنه يندب التنزه أي فراق المرأة المشهود برضاعها الشهادة المذكورة، ومعنى الإطلاق في كل شهادة لا توجب الفراق سواء كانت شهادة امرأة واحدة أو شهادة رجل واحد ولو عدلا، وسواء كانت المرأة أما أو أجنبية، أو كانت شهادة امرأتين ولم يحصل فشو، ومعنى التنزه أن لا يتزوجها أو يطلقُها إن كانت زوجة لأنها مظنة للطعن. قاله عبد الباقي. وقال الشبراخيتي: وندب التنزه مطلقا عن كل نكاح شهد فيه بالرضاع ولم يثبت لأنه مظنة للطعن، (وقد تبسم صلى الله عليه وسلم حين أخبر برضاع امرأة وقال: كيف وقد قيل (٤)) وقال: (الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه (٥)). فندب صلى الله عليه وسلم ولم يحرمها وهذا منها. انتهى المراد منه. وقال الشارح: وندب التنزه مطلقا؛ أي في كل شهادة لا توجب الفراق كالمرأة الواحدة أو الرجل الواحد أو المرأتين إذا لم يحصل فشو من قولهما قبل العقد. انتهى. ورضاع الكفر معتبر؛ يعني أن الرضاع الواقع في حال الكفر معتبر، فلا فرق بين رضاع الكفر ورضاع الإسلام، وكذا الرق فلا فرق بين الرضاع في حال الرق وحال الحرية، فلو أرضعت كافرة صغيرا مسلما أو كافرا ثم أسلم فلا يحل له نكاح بنت تلك الكافرة التي أرضعته، فكما أن نسب الكفر معتبر رضاعه معتبر، وقال ابن عرفة: ورضاع الكفر والرق معتبر كنقيضهما. انتهى. فلو أرضعت ذمية صغيرا مسلما مع ابنة لها لم يحل له نكاح أخته ولو لم تسلم. قاله الشبراخيتي. وقال الشارح: ورضاع الكفر معتبر؛ أي فلا يرتفع حكمه بالإسلام كما لا يرتفع حكم النسب به. قال في المدونة: وحرمة الرضاع بين الأحرار والعبيد في الشرك والإسلام واحد. انتهى. والغيلة وطء المرضع الغيلة


(١) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل والمثبت من البخاري.
(٢) صحيح البخاري، كتاب الشهادات، رقم الحديث ٢٦٤٠.
(٣) صحيح البخاري، كتاب النكاح، رقم الحديث ٥١٠٤.
(٤) صحيح البخاري، كتاب البيوع، رقم الحديث ٢٠٥٢.
(٥) صحيح البخاري، كتاب البيوع، ردم الحديث ٢٠٥١. صحيح مسلم، كتاب المساقاة، رقم الحديث ١٥٩٩.