للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المال، وإن كان مالهم في عرض أو حيوان رأيت أن [يحاسبوهم] (١) به لأنه كتبه، وإنما اختلف [ذلك] (٢) لأن المال الموضوع بيده لم يكن يمنعه منه شيء، فلعله إنما كتبه يريد أن يلزمهم أو يتركه فتركه، وأما الذي كان في العروض والحيوان فإنما يرى أنه يمنعه من ذلك بيعه وكتبه عليهم. والله أعلم. قال ابن القاسم: وهذا أحسن ما سمعت عنده. قال ابن رشد: هذه مسألة تتفرع إلى وجوه وقعت مفرقة في مواضع من هذا السماع، وفي رسم باع شاة من سماع عيسى، وفي سماع أبي زيد من كتاب الوصايا ما يعارض بعضها بعضا في الظاهر، فكان الشيوخ يحملون ذلك على أنه اختلاف في القول. وقولي: إنه لا اختلاف في شيء مما وقع من ذلك في هذه الروايات كلها، وبيان ذلك أن مال الابن لا يخلو من أربعة أحوال.

أحدها: أن يكون عينا قائما بيد الأب. والثاني: أن يكون عرضا قائما في يده. والثالث: أن يكون قد استهلكة وحصل في ذمته. والرابع: أن يكون لم يصل بعد إلى يده، فأما إن كان عينا قائما في يده وألفي على حاله في تركته فلا يخلو من أن يكون كتب النفقة عليه أو لم يكتبها فإن كان كتبها عليه لم تؤخذ من ماله إلا إن وصى بذلك قاله ابن القاسم في سماع أبي زيد في كتاب الوصايا وأما إن كان المال عرضا بعينه ألفي في تركته فلا يخلو أيضا من أن يكون كتب النفقة عليه أو لم يكتبها، فإن كان كتبها حوسب بها الابن وإن أوصى الأب أن لا يحاسب بها وهو ظاهر ما في هذه الرواية، ووجه ذلك أنه لما كتبها عليه دل على أنه لم يرد أن يتطوع بها، فوصيته أن لا يحاسب بها وصية لوارث، وهو قول أصبغ في الواضحة أن المال إذا كان عرضا لم تجز وصية الأب أن لا يحاسب بها. ومثله لابن القاسم في المدونة. وإن كان لم يكتبها عليه حوسب بها إلا أن يكون أوصى الأب أن لا يحاسب بها فتنفذ وصيته وهذا قول ابن القاسم في رسم باع شاة من سماع عيسى.

وأما الحال الثالثة وهي: أن يكون الأب قد استهلك المال وحصل في ذمته فإن الابن يحاسب بذلك كتب الأب عليه النفقة أو لم يكتبها وهو قول مالك في رسم الشجرة بعد هذا، إلا أن يكون كتب لابنه بذلك ذُكْرَ حَقٍّ أشهد له به فلا يحاسب بما أنفق عليه. قال ذلك مالك في رواية زياد


(١) في الأصل يحاسبهم والمثبت من البيان ج ٥ ص ٣٢١.
(٢) في الأصل كذلك والمثبت من البيان ج ٥ ص ٣٢١.