حتى تظهر توبته. وقول ابن حبيب: إن المعتاد للغش يخرج، يريد قد أدب فلم يردعه الأدب. وقوله: حتى تظهر توبته، صحيح لأنه لم يخرج أدبا له، وإنما أخرج لقطع ضرره إذ قد أدب فلم ينفع فيه الأدب.
تنبيه: سئل ابن رشد عمن اشترى مصحفا فوجده ملحونا كثير الخطإ غير صحيح هل عليه بيان ذلك عند البيع مع أنه إن بين لم يشتره أحد؟ فأجاب: لا يجوز له البيع حتى يبين. قلت: في جواز البيع نظر لأن كثرة الخطإ لا يقدر على ضبط الصفة معها، فأشبه بيع القمح إذا وجد فيه كثير الغلث لا يجوز بيعه حتى يغربل، وكذلك هذا حتى يضبط ويصحح، ومثله شراء كتب الفقه واللغة وغيرهما على القول بجواز البيع إذا وجد فيها الفساد والنقص كثيرا أو التكرار في الكلام، فحكمه حكم المصحف، وتقدمت مسألة إذا كتب مصحف بدواة ماتت فيها فأرة أنه يدفن ولا يجوز بيعه، وكأنه من الأشياء التي لا يجوز بيعها كالزيت والطعام المائع المتنجسين، لا كالثياب المتنجسة.
فرع: قال السخاوي في كتابه الأصل الأصيلْ، في تحريم النقل من التورية والإنجيلْ: قال في العوفية: اختلف في بيعها وشرائها وجعل من جملة الأموال علي قولين، وأما الإجارة على كتابتها فلا تجوز. وروى ابن وهب عن مالك في المجموعة: جواز وصية الكافر بها، وبه قال ابن القاسم وأشهب، فإن قلنا: بأنها مال وجوزنا بيعها على أحد القولين، فالجواز وإلا فلا. انتهى من الحطاب. وقال أبو علي: واللبن يخلط به بعض الماء لإخراج زبده لا بأس به، وكل ما هو مصلح جرت العوائد به كما يفهم من كلام ابن رشد وغيره. انتهى. ثم قال: الغش المحرم هو الذي لم يعرفه الناس، وأما إذا كان معروفا لا يخفى بل من شأنه أن يحاط به ويدرك وجرت العوائد به فليس ذلك محرما، واستمر حال بائعي سلل التين وحمولات العنب على جعل الطيب أعلاه، ثم ما يليه أدنى منه وأطيب مما تحته، وعلم ذلك المتبايعون وهو خفيف ولا مقال لمبتاعه إلا أن يكثر خلاف الأسفل لما فوقه فيكون معيبا. انتهى. ثم قال بعد كلام: والحاصل أن الغش