للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البائع بعد أن قبضه المشتري وقبل أن يرد إلى البائع ففيه قولان، أحدهما: أنه يمضي ويكون نقضا للبيع الفاسد من أصله ويرد الثمن للمشتري إن كان قبضه. ثانيهما: أن بيع البائع له قبل أن يرد إليه كالعدم فيكون بمنزلة ما إذا باعه بيعا فاسدا وقبضه المشتري، ولم يحصل من بائعه فيه بيع بعد قبض المشتري له، وضمانه إن حصل فيه ما يوجب الضمان منه؛ أي من المشتري، وتظهر فائدة هذا أيضا فيما إذا حصل فيه مفوت عند المشتري قبل فسخ الفاسد، فإنه يمضي لمشتريه فاسدا ويفسخ البيع الصحيح الواقع من البائع. والله سبحانه أعلم. والخلاف وإن كان موجودا في البائع والمشتري لا يحسن إيراده في بيع البائع على جهة التأويل للمدونة؛ لأن التأويلين إنما هما في بيع المشتري كما في كلام عياض وغيره، وقد نقل الحطاب كلام عياض ولم يتنبه لمحل التأويلين، واستدل على تعميم التأويلين بكلام ابن شأس مع أن ابن الحاجب إنما ذكر الخلاف ولم يتعرض للتأويلين فلذا عمم فتأمله. قاله بناني. ولو باعه أي المبيع فاسدا بائعُه قبل قبض المشتري له وقبل تمكينه منه فإن بيعه ثانيا صحيحا ماض اتفاقا، وأما لو باعه بيعا صحيحا بعد التمكين وقبل القبض ففيه قولان، أحدهما: لابن القاسم وعليه قول المص "وإنما ينتقل ضمان الفاسد بالقبض." والثاني: لأشهب أنه ينتقل الضمان للمشتري بالتمكين. قاله بناني وغيره. والذي يفهم من الحطاب أنه يتفرع على القولين المذكورين في بيع البائع بعد تمكين المشتري من القبض مضي البيع وعدمه، بل قد يدعى أن كلامه صريح في ذلك. والله سبحانه أعلم.

تنبيهات: الأول: قال الحطاب: والظاهر من القولين فيما إذا باعه مشتريه قبل قبضه من بائعه، الإمضاء قياسا على العتق والتدبير والصدقة، ففي المدونة: عتق المشتري بأنواعه وهبته قبل قبضه فوت إن كان المشتري مليا بالثمن، فإن كان معدما رد عتقه ونقض بيعه ورد لبائعه، وفي كلام ابن يونس المتقدم وكلام أبي إسحاق: أن البيع أوكد من الهبة والصدقة، وفيه ترجيح القول بنفوذ البيع. انتهى. قال الرهوني: وقد صرح بترجيحه ابن مغيث وقبله ابن هشام في المفيد. انتهى المراد منه.